فَإِذَا قِيلَ: إنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حَيٌّ عَلِيمٌ قَدِيرٌ؛ فَهُوَ مَوْصُوفٌ بِأَنَّهُ الْحَيُّ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ. وَإِذَا قِيلَ: هُوَ مَوْجُودٌ وَاجِبٌ بِنَفْسِهِ؛ فَهُوَ سُبْحَانَهُ مَوْصُوفٌ بِالْوُجُودِ وَالْوُجُوبِ فَلَا مُشَارَكَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فِي شَيْءٍ مَوْجُودٍ وَلَا هُوَ مُرَكَّبٌ مِنْ جُزْأَيْنِ؛ وَلَا صِفَاتٍ مُقَوَّمَةٍ تَكُونُ أَجْزَاءً لِوُجُودِهِ وَلَا نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُدَّعَى مِنْ التَّرْكِيبِ الَّذِي هُوَ مُمْتَنِعٌ فِي الْمَخْلُوقِ؛ فَهُوَ فِي الْخَالِقِ أَشَدُّ امْتِنَاعًا. وَلَكِنَّ لَفْظَ التَّرْكِيبِ مُجْمَلٌ يَدْخُلُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ فِيهِ اتِّصَافُ الْمَوْصُوفِ بِصِفَاتِهِ اللَّازِمَةِ لَهُ وَلَيْسَ هَذَا هُوَ الْمَعْقُولَ مِنْ لَفْظِ التَّرْكِيبِ وَهَؤُلَاءِ أَحْدَثُوا اصْطِلَاحًا لَهُمْ فِي لَفْظِ التَّرْكِيبِ لَمْ يَسْبِقْهُمْ إلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ؛ وَلَا مِنْ طَوَائِفِ أَهْلِ الْعِلْمِ فَجَعَلُوا لَفْظَ التَّرْكِيبِ يَتَنَاوَلُ " خَمْسَةَ أَنْوَاعٍ ":
أَحَدُهَا: التَّرْكِيبُ مِنْ الْوُجُودِ وَالْمَاهِيَّةِ؛ لِظَنِّهِمْ أَنَّ وُجُودَ كُلِّ مُمْكِنٍ فِي الْخَارِجِ غَيْرُ مَاهِيَّتِهِ وَمَتَى أُرِيدَ بِجُزْءِ الْمَاهِيَّةِ الدَّاخِلُ فِيهَا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمُتَصَوَّرِ ويلازمها الْخَارِجُ عَنْهَا مَا يَلْزَمُ هَذَا التَّصَوُّرَ. وَهَذَانِ الْمَعْنَيَانِ هُمَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ.
وَالثَّانِي: التَّرْكِيبُ مِنْ الْجِنْسِ وَالْفَصْلِ كَقَوْلِهِمْ: إنَّ الْإِنْسَانَ مُرَكَّبٌ مِنْ الْحَيَوَانِيَّةِ والناطقية وَقَدْ يَضُمُّونَ إلَى ذَلِكَ التَّرْكِيبَ مِنْ الْمَعْنَى الْعَامِّ وَالْخَاصِّ؛ يُسَمَّى تَرْكِيبًا مِنْ جِنْسٍ وَفَصْلٍ أَوْ مِنْ خَاصَّةٍ وَعَرَضٍ عَامٍّ.
الثَّالِثُ: التَّرْكِيبُ مِنْ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ كَمُسَمَّى الْحَيِّ الْعَالِمِ الْقَادِرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute