وَهُمْ لَمْ يَقْصِدُوا هَذَا التَّنَاقُضَ؛ وَلَكِنْ أَوْقَعَتْهُمْ فِيهِ قَوَاعِدُهُمْ الْفَاسِدَةُ الْمَنْطِقِيَّةُ الَّتِي زَعَمُوا فِيهَا تَرْكِيبَ الْمَوْصُوفَاتِ مِنْ صِفَاتِهَا وَوُجُودِ الْكُلِّيَّاتِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي أَعْيَانِهَا. فَتِلْكَ الْقَوَاعِدُ الْمَنْطِقِيَّةُ الْفَاسِدَةُ الَّتِي جَعَلُوهَا قَوَانِينَ تَمْنَعُ مُرَاعَاتُهَا الذِّهْنَ أَنْ يَضِلَّ فِي فِكْرِهِ أَوْقَعَتْهُمْ فِي هَذَا الضَّلَالِ وَالتَّنَاقُضِ. ثُمَّ إنَّ هَذِهِ الْقَوَانِينَ فِيهَا مَا هُوَ صَحِيحٌ لَا رَيْبَ فِيهِ؛ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى تَنَاقُضِهِمْ وَجَهْلِهِمْ فَإِنَّهُمْ قَدْ قَرَّرُوا فِي الْقَوَانِينِ الْمَنْطِقِيَّةِ: أَنَّ الْكُلِّيَّ هُوَ الَّذِي لَا يَمْنَعُ تَصَوُّرُهُ مِنْ وُقُوعِ الشَّرِكَةِ فِيهِ؛ بِخِلَافِ الْجُزْئِيِّ. وَقَرَّرُوا أَيْضًا أَنَّ الْكُلِّيَّاتِ لَا تَكُونُ كُلِّيَّةً إلَّا فِي الْأَذْهَانِ: دُونَ الْأَعْيَانِ. وَأَنَّ الْمُطْلَقَ بِشَرْطِ الْإِطْلَاقِ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الذِّهْنِ وَهَذِهِ قَوَانِينُ صَحِيحَةٌ. ثُمَّ يَدَّعُونَ مَا ادَّعَاهُ أَفْضَلُ مُتَأَخِّرِيهِمْ أَنَّ الْوَاجِبَ الْوُجُودِ هُوَ الْوُجُودُ الْمُطْلَقُ بِشَرْطِ الْإِطْلَاقِ عَنْ كُلِّ أَمْرٍ ثُبُوتِيٍّ. أَوْ كَمَا يَقُولُهُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: إنَّهُ الْوُجُودُ الْمُطْلَقُ بِشَرْطِ الْإِطْلَاقِ عَنْ كُلِّ أَمْرٍ ثُبُوتِيٍّ وَسَلْبِيٍّ؛ كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ مَنْ يَقُولُهُ مِنْ الْمَلَاحِدَةِ الْبَاطِنِيَّةِ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى التَّشَيُّعِ وَالْمُنْتَسِبِينَ إلَى التَّصَوُّفِ. أَوْ يَقُولُهُ طَائِفَةٌ ثَالِثَةٌ: إنَّهُ الْوُجُودُ الْمُطْلَقُ لَا بِشَرْطِ كَمَا تَقُولُهُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ. وَهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْمُطْلَقَ بِشَرْطِ الْإِطْلَاقِ عَنْ الْأُمُورِ الْوُجُودِيَّةِ وَالْعَدَمِيَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute