اللَّهُ بِعِلْمِهَا: وَلِهَذَا كَانَ السَّلَفُ: كَرَبِيعَةَ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَغَيْرِهِمَا يَقُولُونَ: الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ وَالْكَيْفُ مَجْهُولٌ. وَهَذَا قَوْلُ سَائِرِ السَّلَفِ كَابْنِ الماجشون وَالْإِمَامِ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِمْ. وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الصِّفَاتِ. فَمَعْنَى الِاسْتِوَاءِ مَعْلُومٌ وَهُوَ التَّأْوِيلُ وَالتَّفْسِيرُ الَّذِي يَعْلَمُهُ الرَّاسِخُونَ وَالْكَيْفِيَّةُ هِيَ التَّأْوِيلُ الْمَجْهُولُ لِبَنِي آدَمَ وَغَيْرِهِمْ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. وَكَذَلِكَ مَا وَعَدَ بِهِ فِي الْجَنَّةِ تَعْلَمُ الْعِبَادُ تَفْسِيرَ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ وَأَمَّا كَيْفِيَّتُهُ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: " {يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَعْدَدْت لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ} ".
فَمَا أَخْبَرَنَا اللَّهُ بِهِ مِنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ: نَعْلَمُ تَفْسِيرَهُ وَمَعْنَاهُ وَنَفْهَمُ الْكَلَامَ الَّذِي خُوطِبْنَا بِهِ وَنَعْلَمُ مَعْنَى الْعَسَلِ وَاللَّحْمِ وَاللَّبَنِ وَالْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَنُفَرِّقُ بَيْنَ مُسَمَّيَاتِ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ وَأَمَّا حَقَائِقُهَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ نَعْلَمَهَا نَحْنُ وَلَا نَعْلَمَ مَتَى تَكُونُ السَّاعَةُ. وَتَفْصِيلُ مَا أَعَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِعِبَادِهِ لَا يَعْلَمُهُ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ. بَلْ هَذَا مِنْ التَّأْوِيلِ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي هَذَيْنِ الْمَخْلُوقَيْنِ فَالْأَمْرُ بَيْنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ أَعْظَمُ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute