فَإِذَا قَالَ: لَا يُعْقَلُ فِي الشَّاهِدِ غَضَبٌ إلَّا غَلَيَانُ دَمِ الْقَلْبِ لِطَلَبِ الِانْتِقَامِ وَلَا يُعْقَلُ نُزُولٌ إلَّا الِانْتِقَالُ وَالِانْتِقَالُ يَقْتَضِي تَفْرِيغَ حَيِّزٍ وَشَغْلَ آخَرَ فَلَوْ كَانَ يَنْزِلُ؛ لَمْ يَبْقَ فَوْقَ الْعَرْشِ رَبٌّ. قِيلَ: وَلَا يُعْقَلُ فِي الشَّاهِدِ إرَادَةٌ إلَّا مَيْلُ الْقَلْبِ إلَى جَلْبِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَيَنْفَعُهُ وَيَفْتَقِرُ فِيهِ إلَى مَا سِوَاهُ وَدَفْعِ مَا يَضُرُّهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَمَا أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ الْمُقَدَّسَةِ فِي حَدِيثِهِ الْإِلَهِيِّ: {يَا عِبَادِي إنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا ضُرِّي فَتَضُرُّونِي} فَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنْ الْإِرَادَةِ الَّتِي لَا يُعْقَلُ فِي الشَّاهِدِ. إلَّا هِيَ. وَكَذَلِكَ السَّمْعُ لَا يُعْقَلُ فِي الشَّاهِدِ إلَّا بِدُخُولِ صَوْتٍ فِي الصِّمَاخِ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي أَجْوَفَ؛ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَحَدٌ صَمَدٌ مُنَزَّهٌ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ بَلْ وَكَذَلِكَ الْبَصَرُ وَالْكَلَامُ لَا يُعْقَلُ فِي الشَّاهِدِ إلَّا فِي مَحَلٍّ أَجْوَفَ؛ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَحَدٌ صَمَدٌ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَخَلْقٌ مِنْ السَّلَفِ: " الصَّمَدُ " الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ السَّيِّدُ الَّذِي كَمُلَ فِي سُؤْدُدِهِ وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ حَقٌّ؛ فَإِنَّ لَفْظَ " الصَّمَدِ " فِي اللُّغَةِ يَتَنَاوَلُ هَذَا وَهَذَا وَالصَّمَدُ فِي اللُّغَةِ السَّيِّدُ؛ " وَالصَّمَدُ " أَيْضًا الْمُصَمَّدُ وَالْمُصَمَّدُ الْمُصْمَتُ وَكِلَاهُمَا مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute