كَلَامُهُ مَخْلُوقٌ؛ قِيلَ لَهُ: فَيَلْزَمُك فِي السَّمْعِ وَالْبَصَرِ فَإِنَّ الْبَصْرِيِّينَ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ يُثْبِتُونَ الْإِدْرَاكَ. فَإِنْ قَالَ: أَنَا أَقُولُ بِقَوْلِ الْبَغْدَادِيِّينَ مِنْهُمْ - فَلَا أُثْبِتُ لَهُ سَمْعًا وَلَا بَصَرًا وَلَا كَلَامًا يَقُومُ بِهِ؛ بَلْ أَقُولُ كَلَامُهُ مَخْلُوقٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ لِأَنَّ إثْبَاتَ ذَلِكَ تَجْسِيمٌ وَتَشْبِيهٌ بَلْ وَلَا أُثْبِتُ لَهُ إرَادَةً كَمَا لَا يُثْبِتُهَا الْبَغْدَادِيُّونَ؛ بَلْ أَجْعَلُهَا سَلْبًا أَوْ إضَافَةً فَأَقُولُ: مَعْنَى كَوْنِهِ مُرِيدًا أَنَّهُ غَيْرُ مَغْلُوبٍ وَلَا مُكْرَهٍ أَوْ بِمَعْنَى كَوْنِهِ خَالِقًا وَآمِرًا - قِيلَ لَهُ: فَيَلْزَمُك ذَلِكَ فِي كَوْنِهِ حَيًّا عَالِمًا قَادِرًا فَإِنَّ الْمُعْتَزِلَةَ مُطْبِقَةٌ عَلَى إثْبَاتِ أَنَّهُ حَيٌّ عَالِمٌ قَادِرٌ وَقِيلَ لَهُ: أَنْتَ لَا تَعْرِفُ حَيًّا عَالِمًا قَادِرًا إلَّا جِسْمًا؛ فَإِذَا جَعَلْته حَيًّا عَالِمًا قَادِرًا؛ لَزِمَك التَّجْسِيمُ وَالتَّشْبِيهُ. فَإِنْ زَادَ فِي التَّعْطِيلِ وَقَالَ: أَنَا لَا أَقُولُ بِقَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ؛ بَلْ بِقَوْلِ الْجَهْمِيَّة الْمَحْضَةِ وَالْبَاطِنِيَّةِ مِنْ الْفَلَاسِفَةِ وَالْقَرَامِطَةِ فَأَنْفِي الْأَسْمَاءَ مَعَ الصِّفَاتِ وَلَا أُسَمِّيهِ حَيًّا وَلَا عَالِمًا وَلَا قَادِرًا وَلَا مُتَكَلِّمًا إلَّا مَجَازًا بِمَعْنَى السَّلْبِ وَالْإِضَافَةِ: أَيْ هُوَ لَيْسَ بِجَاهِلِ وَلَا عَاجِزٍ وَجَعَلَ غَيْرَهُ عَالِمًا قَادِرًا - قِيلَ لَهُ: فَيَلْزَمُك ذَلِكَ فِي كَوْنِهِ مَوْجُودًا وَاجِبًا بِنَفْسِهِ قَدِيمًا فَاعِلًا؛ فَإِنَّ جَهْمًا قَدْ قِيلَ: إنَّهُ كَانَ يُثْبِتُ كَوْنَهُ فَاعِلًا قَادِرًا؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ عِنْدَهُ لَيْسَ بِقَادِرِ وَلَا فَاعِلٍ فَلَا تَشْبِيهَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ. وَإِذَا وَصَلَ إلَى هَذَا الْمَقَامِ؛ فَلَا بُدَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ بِقَوْلِ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَيَقُولَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute