للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ لَفْظَ " الْجِسْمِ " وَ " التَّشْبِيهِ " فِيهِ إجْمَالٌ وَاشْتِبَاهٌ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى؛ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الْنُّفَاةِ لَا يُرِيدُونَ بِالْجِسْمِ الَّذِي نَفَوْهُ مَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْجِسْمِ فِي اللُّغَةِ فَإِنَّ الْمَوْصُوفَ بِالصِّفَاتِ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْجِسْمَ الَّذِي فِي اللُّغَةِ كَمَا نَقَلَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ وَسَنَأْتِي بِذَلِكَ؛ وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ بِالْجِسْمِ مَا اعْتَقَدُوهُ أَنَّهُ مُرَكَّبٌ مِنْ أَجْزَاءٍ وَاعْتَقَدُوا أَنَّ كُلَّ مَا تَقُومُ بِهِ الصِّفَاتُ فَهُوَ مُرَكَّبٌ مِنْ أَجْزَاءٍ وَهَذَا الِاعْتِقَادُ بَاطِلٌ. بَلْ الرَّبُّ مَوْصُوفٌ بِالصِّفَاتِ وَلَيْسَ جِسْمًا مُرَكَّبًا لَا مِنْ الْجَوَاهِرِ الْمُفْرَدَةِ وَلَا مِنْ الْمَادَّةِ وَالصُّورَةِ كَمَا يَدَّعُونَ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى؛ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الصِّفَاتِ لُزُومُ مَا ادَّعَوْهُ مِنْ الْمُحَالِ بَلْ غَلِطُوا فِي هَذَا التَّلَازُمِ. وَأَمَّا مَا هُوَ لَازِمٌ لَا رَيْبَ فِيهِ؛ فَذَاكَ يَجِبُ إثْبَاتُهُ لَا يَجُوزُ نَفْيُهُ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى. فَكَانَ غَلَطُهُمْ بِاسْتِعْمَالِ لَفْظٍ مُجْمَلٍ وَإِحْدَى الْمُقَدِّمَتَيْنِ بَاطِلَةٌ: إمَّا الْأُولَى وَإِمَّا الثَّانِيَةُ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَهَذِهِ قَوَاعِدُ مُخْتَصَرَةٌ جَامِعَةٌ وَهِيَ مَبْسُوطَةٌ فِي مَوَاضِعَ أُخْرَى.