الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْهُ الْعَرْشُ أَوْ يَخْلُو مِنْهُ الْعَرْشُ؛ كَمَا يَدَّعِيهِ الْمُدَّعُونَ لِذَلِكَ فَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ لَا لَفْظُ الْمُثْبِتِينَ لِذَلِكَ وَلَا لَفْظُ الْنُّفَاةِ لَهُ. وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: إنَّهُمْ يَتَأَوَّلُونَ النُّزُولَ عَلَى غَيْرِ النُّزُولِ؛ بَلْ قَدْ يَكُونُ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَنْفِي نُزُولًا يَقُومُ بِهِ وَيَجْعَلُ النُّزُولَ مَخْلُوقًا مُنْفَصِلًا عَنْهُ؛ وَعَامَّةُ رَدِّ ابْنِ منده الْمُسْتَقِيمِ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ هَؤُلَاءِ؛ لَكِنَّهُ زَادَ زِيَادَاتٍ نُسِبَ لِأَجْلِهَا إلَى الْبِدْعَةِ؛ وَلِهَذَا كَانُوا يُفَضِّلُونَ أَبَاهُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ وَكَانَ إسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ التَّيْمِيُّ وَغَيْرُهُ يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ فِي ذَلِكَ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ عَنْهُمْ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: قَالَ أَبِي فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ تَأَوَّلَ النُّزُولَ عَلَى غَيْرِ النُّزُولِ وَاحْتَجَّ فِي إبْطَالِ الْأَخْبَارِ الصِّحَاحِ بِأَحَادِيثَ مَوْضُوعَةٍ وَادَّعَى الْمُدْبِرُ أَنَّهُ يَقُولُ بِحَدِيثِ النُّزُولِ فَحَرَّفَهُ عَلَى مَنْ حَضَرَ مَجْلِسَهُ وَأَنْكَرَ فِي خُطْبَتِهِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مَنْ حُجَّتِهِ وَمَا بَيَّنَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَنْزِلُ بِذَاتِهِ وَتَأَوَّلَ النُّزُولَ عَلَى مَعْنَى الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ؛ لَا حَقِيقَةِ النُّزُولِ. وَزَعَمَ أَنَّ أَئِمَّتَهُمْ الْعَارِفِينَ بِالْأُصُولِ يُنَزِّهُونَ اللَّهَ عَنْ التَّنَقُّلَاتِ فَأَبْطَلَ جَمِيعَ مَا أَخْرَجَ فِي هَذَا الْبَابِ إذْ كَانَ مَذْهَبُهُ غَيْرَ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَاعْتِمَادُهُ عَلَى التَّأْوِيلِ الْبَاطِلِ وَالْمَعْقُولِ الْفَاسِدِ. وقَوْله تَعَالَى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} نَفَى التَّشْبِيهَ مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ وَكُلِّ الْمَعَانِي وَلَكِنَّ الْبَائِسَ الْمِسْكِينَ لَمْ يَجِدْ الطَّرِيقَ إلَى ثَلْبِ الْأَئِمَّةِ إلَّا بِهَذَا الطَّرِيقِ الَّذِي هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute