للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ إثْبَاتُ أَمْرِهِ وَمَجِيءُ أَمْرِهِ. والثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ عَمْدُهُ وَقَصْدُهُ. وَهَكَذَا تَأَوَّلَ هَؤُلَاءِ قَوْله تَعَالَى {ثُمَّ اسْتَوَى إلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} قَالُوا قَصَدَ وَعَمَدَ. وَهَذَا تَأْوِيلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْهُمْ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قُتَيْبَةَ ذَكَرَ فِي كِتَابِ " مُخْتَلِفِ الْحَدِيثِ " لَهُ: الَّذِي رَدَّ فِيهِ عَلَى أَهْلِ الْكَلَامِ الَّذِينَ يَطْعَنُونَ فِي الْحَدِيثِ. فَقَالَ: قَالُوا حَدِيثٌ فِي التَّشْبِيهِ يُكَذِّبُهُ الْقُرْآنُ وَالْإِجْمَاعُ. قَالُوا رَوَيْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {يَنْزِلُ اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فِي ثُلُثِ اللَّيْلِ الْآخِرِ فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ دَاعٍ؟ فَأَسْتَجِيبَ لَهُ. أَوْ مُسْتَغْفِرٍ؟ فَأَغْفِرَ لَهُ} و {يَنْزِلُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ إلَى أَهْلِ عَرَفَةَ} . و {يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ} . وَهَذَا خِلَافٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} وَقَوْلُهُ: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إلَهٌ} . فَقَدْ أَجْمَعَ النَّاسُ أَنَّهُ يَكُونُ بِكُلِّ مَكَانٍ. وَلَا يَشْغَلُهُ شَأْنٌ عَنْ شَأْنٍ. وَنَحْنُ نَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} أَنَّهُ مَعَهُمْ بِالْعِلْمِ بِمَا هُمْ عَلَيْهِ كَمَا تَقُولُ لِرَجُلِ وَجَّهْته إلَى بَلَدٍ شَاسِعٍ وَوَكَّلْته بِأَمْرِ مِنْ أَمْرِك: