للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَرَأَيْت أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ وَاطَّلَعْت فِي النَّارِ فَرَأَيْت أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ} إنَّ اطِّلَاعَهُ فِيهَا كَانَ بِالْفِكْرَةِ وَالْإِقْبَالِ كَانَ حَسَنًا. قُلْت: وَتَأْوِيلُ الْمَجِيءِ وَالْإِتْيَانِ وَالنُّزُولِ وَنَحْوِ ذَلِكَ - بِمَعْنَى الْقَصْدِ وَالْإِرَادَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ - هُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ. وَتَأَوَّلُوا ذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى {ثُمَّ اسْتَوَى إلَى السَّمَاءِ} وَجَعَلَ ابْنُ الزَّاغُونِي وَغَيْرُهُ ذَلِكَ: هُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد. وَالصَّوَابُ: أَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ مُبْتَدَعَةٌ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ شَيْئًا مِنْهَا وَلَا أَحَدٌ مِنْ التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ؛ وَهِيَ خِلَافُ الْمَعْرُوفِ الْمُتَوَاتِرُ عَنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ: أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ. وَلَكِنَّ بَعْضَ الْخَائِضِينَ بِالتَّأْوِيلَاتِ الْفَاسِدَةِ يَتَشَبَّثُ بِأَلْفَاظِ تُنْقَلُ عَنْ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ وَتَكُونُ إمَّا غَلَطًا أَوْ مُحَرَّفَةً؛ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ قَوْلَ الأوزاعي وَغَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ فِي النُّزُولِ " يَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ " فَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ النُّزُولَ مَفْعُولٌ مَخْلُوقٌ مُنْفَصِلٌ عَنْ اللَّهِ وَأَنَّهُمْ أَرَادُوا بِقَوْلِهِمْ: (يَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ) هَذَا الْمَعْنَى وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ؛ كَمَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. [وَآخَرُونَ - كَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى فِي " إبْطَالِ التَّأْوِيلِ " - قَالُوا لَمْ يُرِدْ الأوزاعي أَنَّ النُّزُولَ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهَذَا الْكَلَامِ بِقَوْلِهِ: يَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَشَبَّهُوا ذَلِكَ (*) بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ