لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ {إنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} وَقَالَ: {أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} . وَمَعْلُومٌ أَنَّ اللَّهَ لَوْ أَمَرَ مَلَكًا أَنْ يُنَادِيَ كُلَّ لَيْلَةٍ أَوْ يُنَادِيَ مُوسَى لَمْ يَقُلْ الْمَلَكُ: " مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ " وَلَا يَقُولُ: " لَا أَسْأَلُ عَنْ عِبَادِي غَيْرِي ".
وَأَمَّا قَوْلُ الْمُعْتَرِضِ: إنَّ اللَّيْلَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ وَالْفُصُولِ فِي التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ وَالطُّولِ وَالْقِصَرِ. فَيُقَالُ لَهُ: الْجَوَابُ عَنْ هَذَا كَالْجَوَابِ عَنْ قَوْلِك: هَلْ يَخْلُو مِنْهُ الْعَرْشُ أَوْ لَا يَخْلُو مِنْهُ؟ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا جَازَ أَنَّهُ يَنْزِلُ وَلَا يَخْلُو مِنْهُ الْعَرْشُ؛ فَتَقَدُّمُ النُّزُولِ وَتَأَخُّرُهُ وَطُولُهُ وَقِصَرُهُ كَذَلِكَ؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا نُزُولٌ لَا يُقَاسُ بِنُزُولِ الْخَلْقِ. وَجِمَاعُ الْأَمْرِ أَنَّ الْجَوَابَ عَنْ مِثْلِ هَذَا السُّؤَالِ يَكُونُ بِأَنْوَاعِ. (أَحَدُهَا: أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ الْمُنَازِعَ النَّافِيَ يَلْزَمُهُ مِنْ اللَّوَازِمِ مَا هُوَ أَبْعَدُ عَنْ الْمَعْقُولِ الَّذِي يَعْتَرِفُ بِهِ مِمَّا يَلْزَمُ الْمُثْبِتُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ مِنْ الْمَعْقُولِ حُجَّةً صَحِيحَةً؛ لَزِمَ بُطْلَانُ النَّفْيِ فَيَلْزَمُ الْإِثْبَاتُ؛ إذْ الْحَقُّ لَا يَخْلُو عَنْ النَّقِيضَيْنِ. وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا؛ لَمْ يَبْطُلْ بِهِ الْإِثْبَاتُ فَلَا يُعَارِضُ مَا ثَبَتَ بِالْفِطْرَةِ الْعَقْلِيَّةِ وَالشِّرْعَةِ النَّبَوِيَّةِ وَهَذَا كَمَا إذَا قَالَ: لَوْ كَانَ فَوْقَ الْعَرْشِ لَكَانَ جِسْمًا وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ؛ فَيُقَالُ لَهُ: لِلنَّاسِ هُنَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute