للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْأَفْعَالِ حَقِيقَةً مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِجِسْمِ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْأَشْعَرِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ نُظَّارِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَأَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ كَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَغَيْرِهِ وَهَذَا مَعْنَى مَا حَكَاهُ فِي " الْمَقَالَاتِ " عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ. وَلِهَذَا كَانَ قَوْلُ ابْنِ كُلَّابٍ وَالْأَشْعَرِيِّ والقلانسي وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد وَغَيْرِهِمْ؛ إنَّ الِاسْتِوَاءَ فِعْلٌ يَفْعَلُهُ الرَّبُّ فِي الْعَرْشِ. وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ فِي النُّزُولِ: وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ يُحْدِثُ فِي الْعَرْشِ قُرْبًا فَيَصِيرُ مُسْتَوِيًا عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُومَ بِهِ - نَفْسُهُ - فِعْلٌ اخْتِيَارِيٌّ سَوَاءٌ قَالُوا: إنَّ الْفِعْلَ هُوَ الْمَفْعُولُ أَوْ لَمْ يَقُولُوا بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ النُّزُولُ عِنْدَهُمْ؛ فَهُمْ يَجْعَلُونَ الْأَفْعَالَ اللَّازِمَةَ بِمَنْزِلَةِ الْأَفْعَالِ الْمُتَعَدِّيَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ اعْتَقَدُوا أَنَّهُ لَا يَقُومُ بِهِ فِعْلٌ اخْتِيَارِيٌّ لِأَنَّ ذَلِكَ حَادِثٌ؛ فَقِيَامُهُ بِهِ يَسْتَلْزِمُ أَنْ تَقُومَ بِهِ الْحَوَادِثُ فَنَفَوْا ذَلِكَ لِهَذَا الْأَصْلِ الَّذِي اعْتَقَدُوهُ. (الطَّرِيقُ الثَّانِي: أَنْ يُقَالَ: الْمَجِيءُ وَالْإِتْيَانُ وَالصُّعُودُ وَالنُّزُولُ تُوصَفُ بِهِ رُوحُ الْإِنْسَانِ الَّتِي تُفَارِقُهُ بِالْمَوْتِ وَتُسَمَّى النَّفْسُ وَتُوصَفُ بِهِ الْمَلَائِكَةُ وَلَيْسَ نُزُولُ الرُّوحِ وَصُعُودُهَا مِنْ جِنْسِ نُزُولِ الْبَدَنِ وَصُعُودِهِ؛ فَإِنَّ رُوحَ الْمُؤْمِنِ تَصْعَدُ إلَى فَوْقِ السَّمَوَاتِ ثُمَّ تَهْبِطُ إلَى الْأَرْضِ فِيمَا بَيْنَ قَبْضِهَا وَوَضْعِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ. وَهَذَا زَمَنٌ يَسِيرٌ لَا يَصْعَدُ الْبَدَنُ إلَى مَا فَوْقَ السَّمَوَاتِ ثُمَّ يَنْزِلُ إلَى الْأَرْضِ فِي مِثْلِ هَذَا الزَّمَانِ.