الْجَنَّةِ فَيَنْظُرُ إلَى مَقْعَدِهِ وَمَنْزِلِهِ مِنْهَا حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ. وَإِنَّ الْكَافِرَ إذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ وَحَضَرَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ؛ نَزَلَ عَلَيْهِ مِنْ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ نَارٍ وَحَنُوطٌ مِنْ نَارٍ. قَالَ: فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ بَصَرِهِ وَجَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَجَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهِ ثُمَّ قَالَ: اُخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ اُخْرُجِي إلَى غَضَبِ اللَّهِ وَسَخَطِهِ؛ فَتَتَفَرَّقُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ كَرَاهَةَ أَنْ تَخْرُجَ لِمَا تَرَى وَتُعَايِنُ؛ فَيَسْتَخْرِجُهَا كَمَا يُسْتَخْرَجُ السَّفُّودُ مِنْ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ فَإِذَا خَرَجَتْ نَفْسُهُ لَعَنَهُ كُلُّ شَيْءٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إلَّا الثَّقَلَيْنِ ثُمَّ يُصْعَدُ بِهِ إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَتُغْلَقُ دُونَهُ؛ فَيَقُولُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: رُدُّوا عَبْدِي إلَى مَضْجَعِهِ فَإِنِّي وَعَدْتهمْ أَنِّي مِنْهَا خَلَقْتهمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى؛ فَتُرَدُّ رُوحُهُ إلَى مَضْجَعِهِ؛ فَيَأْتِيهِ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ يُثِيرَانِ الْأَرْضَ بِأَنْيَابِهِمَا وَيَفْحَصَانِ الْأَرْضَ بِأَشْعَارِهِمَا أَصْوَاتُهُمَا كَالرَّعْدِ الْقَاصِفِ وَأَبْصَارُهُمَا كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ؛ فَيُجْلِسَانِهِ ثُمَّ يَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّك؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي؛ فَيُنَادَى مِنْ جَانِبِ الْقَبْرِ لَا دَرَيْت؛ فَيَضْرِبَانِهِ بِمِرْزَبَّةِ مِنْ حَدِيدٍ لَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهَا مَنْ بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ لَمْ تَقِلَّ وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ قَبِيحُ الثِّيَابِ مُنْتِنُ الرِّيحِ فَيَقُولُ: جَزَاك اللَّهُ شَرًّا؛ فَوَاَللَّهِ مَا عَلِمْت إنْ كُنْت بَطِيئًا عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ سَرِيعًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ أَنَا عَمَلُك الْخَبِيثُ ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إلَى النَّارِ فَيَنْظُرُ إلَى مَقْعَدِهِ فِيهَا حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ} . وَقَالَ ابْنُ منده: رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَمَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي النَّضْرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute