للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَصْلُهُ فِي الْجَسَدِ. فَتَبْلُغُ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ فَمَا دَامَ ذَاهِبًا فَإِنَّ الْإِنْسَانَ نَائِمٌ. فَإِذَا رَجَعَ إلَى الْبَدَنِ انْتَبَهَ الْإِنْسَانُ؛ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ شُعَاعٍ هُوَ سَاقِطٌ بِالْأَرْضِ وَأَصْلُهُ مُتَّصِلٌ بِالشَّمْسِ. قَالَ ابْنُ منده: وَأُخْبِرْت عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّمَرْقَنْدِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ السَّمَرْقَنْدِيِّ - وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْأَدَبِ وَلَهُ بَصَرٌ بِالطِّبِّ وَالتَّعْبِيرِ - قَالَ: إنَّ الْأَرْوَاحَ تَمْتَدُّ مِنْ مَنْخِرِ الْإِنْسَانِ وَمَرَاكِبُهَا وَأَصْلُهَا فِي بَدَنِ الْإِنْسَانِ فَلَوْ خَرَجَ الرُّوحُ لَمَاتَ كَمَا أَنَّ السِّرَاجَ لَوْ فَرَّقْت بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْفَتِيلَةِ لطفئت. أَلَا تَرَى أَنَّ تَرَكُّبَ النَّارِ فِي الْفَتِيلَةِ وضوءها وَشُعَاعَهَا مَلَأَ الْبَيْتَ فَكَذَلِكَ الرُّوحُ تَمْتَدُّ مِنْ مَنْخِرِ الْإِنْسَانِ فِي مَنَامِهِ حَتَّى تَأْتِيَ السَّمَاءَ وَتَجُولُ فِي الْبُلْدَانِ وَتَلْتَقِي مَعَ أَرْوَاحِ الْمَوْتَى. فَإِذَا رَآهَا الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِأَرْوَاحِ الْعِبَادِ أَرَاهُ مَا أَحَبَّ أَنْ يَرَاهُ وَكَانَ الْمَرْءُ فِي الْيَقَظَةِ عَاقِلًا ذَكِيًّا صَدُوقًا لَا يَلْتَفِتُ فِي الْيَقَظَةِ إلَى شَيْءٍ مِنْ الْبَاطِلِ رَجَعَ إلَيْهِ رُوحُهُ فَأَدَّى إلَى قَلْبِهِ الصِّدْقَ بِمَا أَرَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى حَسَبِ صِدْقِهِ. وَإِنْ كَانَ خَفِيفًا نَزِقًا يُحِبُّ الْبَاطِلَ وَالنَّظَرَ إلَيْهِ فَإِذَا نَامَ وَأَرَاهُ اللَّهُ أَمْرًا مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ رَجَعَ رُوحُهُ فَحَيْثُ مَا رَأَى شَيْئًا مِنْ مخاريق الشَّيْطَانِ أَوْ بَاطِلًا وَقَفَ عَلَيْهِ كَمَا يَقِفُ فِي يَقَظَتِهِ وَكَذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى قَلْبِهِ فَلَا يَعْقِلُ مَا رَأَى لِأَنَّهُ خَلَطَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ؛ فَلَا يُمْكِنُ مُعَبِّرٌ يَعْبُرُ لَهُ وَقَدْ اخْتَلَطَ الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ. قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ منده: وَمِمَّا يَشْهَدُ لِهَذَا الْكَلَامِ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. قُلْت: وَخَرَجَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي كِتَابِ " تَعْبِيرُ الرُّؤْيَا " قَالَ: حَدَّثَنِي