نُزُولِ أَجْسَامِ النَّاسِ مِنْ السَّطْحِ إلَى الْأَرْضِ وَهُوَ يُشْبِهُ قَوْلَ مَنْ قَالَ: يَخْلُو الْعَرْشُ مِنْهُ بِحَيْثُ يَصِيرُ بَعْضُ الْمَخْلُوقَاتِ فَوْقَهُ وَبَعْضُهَا تَحْتَهُ. فَإِذَا قُدِّرَ النُّزُولُ هَكَذَا كَانَ مُمْتَنِعًا؛ لِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَزَالُ تَحْتَ الْعَرْشِ فِي غَالِبِ الْأَوْقَاتِ أَوْ جَمِيعِهَا فَإِنَّ بَيْنَ طَرَفَيْ الْعِمَارَةِ نَحْوَ لَيْلَةٍ؛ فَإِنَّهُ يُقَالُ: بَيْنَ ابْتِدَاءِ الْعِمَارَةِ مِنْ الْمَشْرِقِ وَمُنْتَهَاهَا مِنْ الْمَغْرِبِ مِقْدَارُ مِائَةٍ وَثَمَانِينَ دَرَجَةً فَلَكِيَّةً وَكُلُّ خَمْسَ عَشْرَةَ فَهِيَ سَاعَةٌ مُعْتَدِلَةٌ وَالسَّاعَةُ الْمُعْتَدِلَةُ هِيَ سَاعَةٌ مِنْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَاعَةً بِاللَّيْلِ أَوْ النَّهَارِ إذَا كَانَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ مُتَسَاوِيَيْنِ - كَمَا يَسْتَوِيَانِ فِي أَوَّلِ الرَّبِيعِ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ الصَّيْفَ وَأَوَّلِ الْخَرِيفِ الَّذِي تُسَمِّيهِ الرَّبِيعَ - بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا أَطْوَلَ مِنْ الْآخَرِ وَكُلُّ وَاحِدٍ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً؛ فَهَذِهِ السَّاعَاتُ مُخْتَلِفَةٌ فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ فَتَغْرُبُ الشَّمْسُ عَنْ أَهْلِ الْمَشْرِقِ قَبْلَ غُرُوبِهَا عَنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ كَمَا تَطْلُعُ عَلَى هَؤُلَاءِ قَبْلَ هَؤُلَاءِ بِنَحْوِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَاعَةً أَوْ أَكْثَرَ. فَإِنَّ الشَّمْسَ عَلَى أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَتْ مُرْتَفِعَةً مِنْ الْأَرْضِ الِارْتِفَاعَ التَّامَّ كَمَا يَكُونُ عِنْدَ نِصْفِ النَّهَارِ فَإِنَّهَا تُضِيءُ عَلَى مَا أَمَامَهَا وَخَلْفَهَا مِنْ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ تِسْعِينَ دَرَجَةً شَرْقِيَّةً وَتِسْعِينَ غَرْبِيَّةً وَالْمَجْمُوعُ مِقْدَارُ حَرَكَتِهَا: اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً سِتَّةٌ شَرْقِيَّةٌ وَسِتَّةٌ غَرْبِيَّةٌ وَهُوَ النَّهَارُ الْمُعْتَدِلُ. وَلَا يَزَالُ لَهَا هَذَا النَّهَارُ لَكِنْ يَخْفَى ضَوْءُهَا بِسَبَبِ مَيْلِهَا إلَى جَانِبِ الشَّمَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute