للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُضَافُ إلَيْهِ الثُّلُثُ يَظْهَرُ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ النَّهَارِ الْمُضَافِ إلَيْهِ النِّصْفُ - وَهُوَ الَّذِي يَنْتَهِي إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَكَذَلِكَ لِمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَقْتُ الْعِشَاءِ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ أَوْ إلَى الثُّلُثِ} فَهُوَ هَذَا اللَّيْلُ. وَكَذَلِكَ الْفُقَهَاءُ إذَا أَطْلَقُوا ثُلُثَ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ؛ فَهُوَ كَإِطْلَاقِهِمْ نِصْفَ النَّهَارِ. وَهَكَذَا أَهْلُ الْحِسَابِ لَا يَعْرِفُونَ غَيْرَ هَذَا. وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ هُوَ اللَّيْلُ الْمُنْتَهِي بِطُلُوعِ الْفَجْرِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: {أَفْضَلُ الْقِيَامِ قِيَامُ دَاوُد؛ كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ} وَالْيَوْمُ الْمُعْتَادُ الْمَشْرُوعُ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ بَلْ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ. فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ هَذَا وَحِينَئِذٍ فَإِذَا قُدِّرَ ثُلُثُ اللَّيْلِ فِي أَوَّلِ الْمَشْرِقِ يَكُونُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ عَلَيْهِمْ بِأَرْبَعِ سَاعَاتٍ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {يَنْزِلُ رَبُّنَا كُلَّ لَيْلَةٍ إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرِ فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ} - فَقَدْ أَخْبَرَ بِدَوَامِهِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَفِي رِوَايَةٍ: " إلَى أَنْ يَنْصَرِفَ الْقَارِئُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ ". وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} تَشْهَدُهُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَقَدْ قِيلَ: يَشْهَدُهُ اللَّهُ وَمَلَائِكَتُهُ. وَإِذَا كَانَ هَذَا النُّزُولُ يَدُومُ نَحْوَ سُدُسٍ عِنْدَ أُولَئِكَ؛ فَهَكَذَا هُوَ عِنْدَ كُلِّ قَوْمٍ إذَا مَضَى ثُلُثَا لَيْلِهِمْ يَدُومُ عِنْدَهُمْ سُدُسُ الزَّمَانِ وَأَمَّا النُّزُولُ الَّذِي فِي النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثَيْنِ: فَإِنَّهُ يَدُومُ رُبُعُ الزَّمَانِ أَوْ ثُلُثُهُ فَهُوَ أَكْثَرُ دَوَامًا مِنْ ذَلِكَ.