للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَرَفَةَ " إنَّمَا هُوَ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَحُجُّونَ إلَيْهِ وَكَمَا أَنَّ رَمَضَانَ إذَا دَخَلَ فُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَصُومُونَ رَمَضَانَ وَعَنْهُمْ تُغْلَقُ أَبْوَابُ النَّارِ وَتُصَفَّدُ شَيَاطِينُهُمْ " وَأَمَّا الْكُفَّارُ " الَّذِينَ يَسْتَحِلُّونَ إفْطَارَ شَهْرِ رَمَضَانَ وَلَا يَرَوْنَ لَهُ حُرْمَةً وَمَزِيَّةً فَلَا تُفْتَحُ لَهُمْ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَلَا تُغْلَقُ عَنْهُمْ فِيهِ أَبْوَابُ النَّارِ وَلَا تُصَفَّدُ شَيَاطِينُهُمْ. وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ هُنَا بَسْطَ هَذَا الْمَعْنَى بَلْ الْمَقْصُودُ أَنَّ النُّزُولَ إنْ كَانَ خَاصًّا بِالْمُؤْمِنِينَ؛ فَهُمْ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ مِنْ أَقْصَى الْمَشْرِقِ إلَى أَقْصَى الْمَغْرِبِ وَإِنْ كَانَ عَامًّا؛ فَهُوَ أَبْلَغُ فَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ لَا بُدَّ أَنْ يَدُومَ النُّزُولُ الْإِلَهِيُّ عَلَى أَهْلِ كُلِّ بَلَدٍ مِقْدَارَ سُدُسِ الزَّمَانِ أَوْ أَكْثَرَ. فَإِنَّهُ إذَا قِيلَ لَيْلُ صَيَفِهِمْ قَصِيرٌ قِيلَ وَلَيْلُ شِتَائِهِمْ طَوِيلٌ فَيُعَادِلُ هَذَا هَذَا وَمَا نَقَصَ مِنْ لَيْلٍ صَيْفِهِمْ زِيدَ فِي لَيْلِ شِتَائِهِمْ وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْأَثَرِ {الشِّتَاءُ رَبِيعُ الْمُؤْمِنِ: يَصُومُ نَهَارَهُ وَيَقُومُ لَيْلَهُ} . وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ - فَلَوْ كَانَ النُّزُولُ كَمَا يَتَخَيَّلُهُ بَعْضُ الْجُهَّالِ مِنْ أَنَّهُ يَصِيرُ تَحْتَ السَّمَوَاتِ وَفَوْقَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَتَحْتَ الْعَرْشِ مِقْدَارُ ثُلُثِ اللَّيْلِ عَلَى كُلِّ بَلَدٍ - لَمْ يَكُنْ اللَّازِمُ أَنَّهُ لَا يَزَالُ تَحْتَ الْعَرْشِ وَتَحْتَ السَّمَوَاتِ فَقَطْ فَإِنَّ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ وَحْدَهُ هُوَ اللَّازِمُ إذَا كَانَ كُلُّ سُدُسٍ مِنْ الْمَعْمُورِ لَهُمْ كُلِّهِمْ ثُلُثٌ وَاحِدٌ؛ وَكَانَ الْمَجْمُوعُ سِتَّةَ أَثْلَاثٍ فَإِذَا قُدِّرَ بَقَاؤُهُ عَلَى هَؤُلَاءِ مِقْدَارُ ثُلُثٍ ثُمَّ عَلَى هَؤُلَاءِ الْآخَرِينَ مِقْدَارُ ثُلُثٍ لَزِمَ أَنْ لَا يَزَالَ تَحْتَ الْعَرْشِ أَوْ تَحْتَ السَّمَوَاتِ أَوْ حَيْثُ تَخَيَّلَ الْجَاهِلُ أَنَّ اللَّهَ مَحْصُورٌ فِيهِ؛ فَلَا يَكُونُ قَطُّ فَوْقَ الْعَرْشِ.