فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ يُحِبُّ الْمُتَّبِعِينَ لِرَسُولِهِ وَالْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ وَأَنَّهُ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ وَالصَّابِرِينَ وَالتَّوَّابِينَ والمتطهرين وَهُوَ سُبْحَانَهُ يُحِبُّ كُلَّ مَا أَمَرَ بِهِ أَمْرَ إيجَابٍ أَوْ اسْتِحْبَابٍ. وَقَوْلُهُ: {وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} يَقْتَضِي أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَجُنْدَهُ الْمُوَكَّلِينَ بِذَلِكَ يَعْلَمُونَ مَا يُوَسْوِسُ بِهِ الْعَبْدُ نَفْسَهُ كَمَا قَالَ: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} فَهُوَ يَسْمَعُ وَمَنْ يَشَاءُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ يَسْمَعُونَ وَمَنْ شَاءَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ. وَأَمَّا الْكِتَابَةُ فَرُسُلُهُ يَكْتُبُونَ كَمَا قَالَ هَهُنَا: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} وَقَالَ تَعَالَى: {إنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} فَأَخْبَرَ بِالْكِتَابَةِ بِقَوْلِهِ نَحْنُ؛ لِأَنَّ جُنْدَهُ يَكْتُبُونَ بِأَمْرِهِ. وَفَصَلَ فِي تِلْكَ الْآيَةِ بَيْنَ السَّمَاعِ وَالْكِتَابَةِ لِأَنَّهُ يَسْمَعُ بِنَفْسِهِ وَأَمَّا كِتَابَةُ الْأَعْمَالِ فَتَكُونُ بِأَمْرِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَكْتُبُونَ. فَقَوْلُهُ: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} مِثْلُ قَوْلِهِ: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} لَمَّا كَانَتْ مَلَائِكَتُهُ مُتَقَرِّبِينَ إلَى الْعَبْدِ بِأَمْرِهِ كَمَا كَانُوا يَكْتُبُونَ عَمَلَهُ بِأَمْرِهِ قَالَ ذَلِكَ وَقَرَّبَهُ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ بِتَوَسُّطِ الْمَلَائِكَةِ كَتَكْلِيمِهِ كُلَّ أَحَدٍ بِتَوَسُّطِ الرُّسُلِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute