فَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا شَاعِرٌ كَلِمَةُ لَبِيَدٍ: أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلُ} هَذَا مَعْنَاهُ. أَنَّ كُلَّ مَعْبُودٍ مِنْ دُونِ اللَّهِ بَاطِلٌ كَقَوْلِهِ: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} {فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} وَقَدْ قَالَ قَبْلَ هَذَا: {وَرُدُّوا إلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} كَمَا قَالَ فِي الْأَنْعَامِ: {حَتَّى إذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ} {ثُمَّ رُدُّوا إلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ} وَقَالَ: {ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ} . وَدَخَلَ عُثْمَانُ أَوْ غَيْرُهُ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ - وَهُوَ مَرِيضٌ - فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدُك؟ قَالَ أَجِدُنِي مَرْدُودًا إلَى اللَّهِ مَوْلَايَ الْحَقِّ. قَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} وَقَدْ أَقَرُّوا بِوُجُودِهِ فِي الدُّنْيَا لَكِنْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ الْمُبِينُ دُونَ مَا سِوَاهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {هُوَ الْحَقَّ} بِصِيغَةِ الْحَصْرِ فَإِنَّهُ يَوْمَئِذٍ لَا يَبْقَى أَحَدٌ يَدَّعِي فِيهِ الْإِلَهِيَّةَ وَلَا أَحَدٌ يُشْرِكُ بِرَبِّهِ أَحَدًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute