للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التَّصَوُّفِ " أَنَّهُ مَذْهَبُ الصُّوفِيَّةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ مَشْهُورٌ عِنْدَهُمْ وَبَعْضُ الْمُصَنِّفِينَ فِي " الْكَلَامِ " كالرَّازِي وَنَحْوِهِ يَنْصِبُ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ مَعَهُمْ فَيَظُنُّ الظَّانُّ أَنَّ هَذَا مِمَّا انْفَرَدُوا بِهِ وَهُوَ قَوْلُ السَّلَفِ قَاطِبَةً وَجَمَاهِيرُ الطَّوَائِفِ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَصْحَابِ أَحْمَد مُتَقَدِّمُوهُمْ كُلُّهُمْ وَأَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى. وَكَذَلِكَ هُوَ قَوْلُ أَئِمَّةِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْكَلَامِ: كالهشامية أَوْ كَثِيرٍ مِنْهُمْ والكَرَّامِيَة كُلِّهِمْ وَبَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ أَسَاطِينِ الْفَلَاسِفَةِ: مُتَقَدِّمِيهِمْ وَمُتَأَخِّرِيهِمْ. وَذَهَبَ آخَرُونَ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ الْجَهْمِيَّة وَأَكْثَرِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْأَشْعَرِيَّةِ إلَى أَنَّ الْخَلْقَ هُوَ نَفْسُ الْمَخْلُوقِ وَلَيْسَ لِلَّهِ عِنْدَ هَؤُلَاءِ صُنْعٌ وَلَا فِعْلٌ وَلَا خَلْقٌ وَلَا إبْدَاعٌ إلَّا الْمَخْلُوقَاتِ أَنْفُسَهَا وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ الْفَلَاسِفَةِ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ إذَا قَالُوا بِأَنَّ الرَّبَّ مُبْدِعٌ كَابْنِ سِينَا وَأَمْثَالِهِ. و (الْحُجَّةُ الْمَشْهُورَةُ لِهَؤُلَاءِ الْمُتَكَلِّمِينَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ خَلَقَ الْمَخْلُوقَاتِ بِخَلْقِ لَكَانَ ذَلِكَ الْخَلْقُ إمَّا قَدِيمًا وَإِمَّا حَادِثًا. فَإِنْ كَانَ قَدِيمًا لَزِمَ قِدَمُ كُلِّ مَخْلُوقٍ وَهَذَا مُكَابَرَةٌ. وَإِنْ كَانَ حَادِثًا فَإِنْ قَامَ بِالرَّبِّ لَزِمَ قِيَامُ الْحَوَادِثِ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ كَانَ الْخَلْقُ قَائِمًا بِغَيْرِ الْخَالِقِ وَهَذَا مُمْتَنِعٌ. وَسَوَاءٌ قَامَ بِهِ أَوْ لَمْ يَقُمْ بِهِ يَفْتَقِرُ ذَلِكَ الْخَلْقُ إلَى خَلْقٍ آخَرَ وَيَلْزَمُ التَّسَلْسُلُ هَذَا عُمْدَتُهُمْ. و (جَوَابُ السَّلَفِ وَالْجُمْهُورِ عَنْهَا بِمَنْعِ مُقَدِّمَاتِهَا كُلُّ طَائِفَةٍ تَمْنَعُ مُقَدِّمَةً وَيَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ إلْزَامًا لَا مَحِيدَ لَهُمْ عَنْهُ.