الْحَرَكَةُ مِنْ لَوَازِمِ الْحَيَاةِ فَيَمْتَنِعُ وُجُودُ حَيَاةٍ بِلَا حَرَكَةٍ أَصْلًا؛ كَمَا يَقُولُهُ الدارمي وَغَيْرُهُ وَقَدْ رَوَى الثَّعْلَبِيُّ فِي " تَفْسِيرِهِ " بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْله تَعَالَى {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} لِمَ خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ؟ فَقَالَ: لِأَنَّ اللَّهَ كَانَ مُحْسِنًا بِمَا لَمْ يَزَلْ فِيمَا لَمْ يَزَلْ إلَى مَا لَمْ يَزَلْ فَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُفِيضَ إحْسَانَهُ إلَى خَلْقِهِ وَكَانَ غَنِيًّا عَنْهُمْ لَمْ يَخْلُقْهُمْ لِجَرِّ مَنْفَعَةٍ وَلَا لِدَفْعِ مَضَرَّةٍ وَلَكِنْ خَلَقَهُمْ وَأَحْسَنَ إلَيْهِمْ وَأَرْسَلَ إلَيْهِمْ الرُّسُلَ حَتَّى يَفْصِلُوا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ فَمَنْ أَحْسَنَ كَافَأَهُ بِالْجَنَّةِ وَمَنْ عَصَى كَافَأَهُ بِالنَّارِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} وَنَحْوِ ذَلِكَ قَالَ: كَانَ وَلَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ. وَيَمْنَعُهَا أَيْضًا جُمْهُورُ الْفَلَاسِفَةِ وَلَكِنَّ الْجَهْمِيَّة وَالْمُعْتَزِلَةَ والْكُلَّابِيَة والكَرَّامِيَة يَقُولُونَ بِامْتِنَاعِهَا وَهِيَ مِنْ الْأُصُولِ الْكِبَارِ الَّتِي يُبْتَنَى عَلَيْهَا الْكَلَامُ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي خَلْقِهِ. وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ أَصْلُ الْكَلَامِ الْمُحْدَثِ فِي الْإِسْلَامِ الَّذِي ذَمَّهُ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ. فَإِنَّ أَصْحَابَ هَذَا الْكَلَامِ فِي الْجَهْمِيَّة وَالْمُعْتَزِلَةِ وَمَنْ اتَّبَعَهُمْ ظَنُّوا أَنَّ مَعْنَى كَوْنِ اللَّهِ خَالِقًا لِكُلِّ شَيْءٍ - كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمِلَلِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ - أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمْ يَزَلْ مُعَطَّلًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute