وَاعْتَدَوْا بِهِ عَلَى مَنْ نَازَعَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَفَتَحُوا لِعَدُوِّ الْإِسْلَامِ بَابًا إلَى مَقْصُودِهِ. فَإِنَّ حَقِيقَةَ قَوْلِهِمْ - إنَّ الرَّبَّ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا وَلَا كَانَ الْكَلَامُ وَالْفِعْلُ مُمْكِنًا لَهُ وَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ دَائِمًا مُدَّةً أَوْ تَقْدِيرُ مُدَّةٍ لَا نِهَايَةَ لَهَا ثُمَّ إنَّهُ تَكَلَّمَ وَفَعَلَ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ اقْتَضَى ذَلِكَ وَجَعَلُوا مَفْعُولَهُ هُوَ فِعْلَهُ وَجَعَلُوا فِعْلَهُ وَإِرَادَةَ فِعْلِهِ قَدِيمَةً أَزَلِيَّةً وَالْمَفْعُولَ مُتَأَخِّرًا وَجَعَلُوا الْقَادِرَ يُرَجِّحُ أَحَدَ مَقْدُورِيهِ عَلَى الْآخَرِ بِلَا مُرَجِّحٍ - وَكُلُّ هَذَا خِلَافُ الْمَعْقُولِ الصَّرِيحِ وَخِلَافُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَنْكَرُوا صِفَاتِهِ وَرُؤْيَتَهُ وَقَالُوا كَلَامُهُ مَخْلُوقٌ؛ وَهُوَ خِلَافُ دِينِ الْإِسْلَامِ. وَاَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ وَأَثْبَتُوا الصِّفَاتِ قَالُوا يُرِيدُ جَمِيعَ الْمُرَادَاتِ بِإِرَادَةِ وَاحِدَةٍ وَكُلُّ كَلَامٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَوْ يَتَكَلَّمُ بِهِ إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَا يَتَعَدَّدُ وَلَا يَتَبَعَّضُ وَإِذَا رُئِيَ رُئِيَ لَا بِمُوَاجَهَةِ وَلَا بِمُعَايَنَةِ وَإِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ وَلَمْ يَرَ الْأَشْيَاءَ حَتَّى وُجِدَتْ؛ ثُمَّ لَمَّا وُجِدَتْ لَمْ يَقُمْ بِهِ أَمْرٌ مَوْجُودٌ؛ بَلْ حَالُهُ قَبْلَ أَنْ يَسْمَعَ وَيُبْصِرَ كَحَالِهِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ إلَى أَمْثَالِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الَّتِي تُخَالِفُ الْمَعْقُولَ الصَّرِيحَ وَالْمَنْقُولَ الصَّحِيحَ. ثُمَّ لَمَّا رَأَتْ " الْفَلَاسِفَةُ " أَنَّ هَذَا مُبَلِّغٌ عِلْمَ هَؤُلَاءِ وَأَنَّ هَذَا هُوَ الْإِسْلَامُ الَّذِي عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ وَعَلِمُوا فَسَادَ هَذَا أَظْهَرُوا قَوْلَهُمْ بِقِدَمِ الْعَالَمِ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ تَجَدُّدَ الْفِعْلِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مُمْتَنِعٌ؛ بَلْ لَا بُدَّ لِكُلِّ مُتَجَدِّدٍ مِنْ سَبَبٍ حَادِثٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute