اللَّهَ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا صَفًّا لِحِسَابِ الْأُمَمِ وَعَرْضِهَا كَمَا يَشَاءُ وَكَيْفَ يَشَاءُ قَالَ تَعَالَى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} . قَالَ: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا عَلَى مَا أَتَتْ بِهِ الْآثَارُ كَيْفَ شَاءَ لَا يَحُدُّونَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَضَّاحٍ قَالَ: وَسَأَلْت يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنْ النُّزُولِ فَقَالَ نَعَمْ. أُقِرُّ بِهِ وَلَا أَحُدُّ فِيهِ حَدًّا. (وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ الْإِمْسَاكُ عَنْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ وَهُوَ اخْتِيَارُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفُقَهَاءِ وَالصُّوفِيَّةِ - كَابْنِ بَطَّةَ وَغَيْرِهِ. وَهَؤُلَاءِ فِيهِمْ مَنْ يُعْرِضُ بِقَلْبِهِ عَنْ تَقْدِيرِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمِيلُ بِقَلْبِهِ إلَى أَحَدِهِمَا وَلَكِنْ لَا يَتَكَلَّمُ لَا بِنَفْيٍ وَلَا بِإِثْبَاتِ. وَاَلَّذِي يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فِي جَمِيعِ مَا يَصِفُ بِهِ نَفْسَهُ. فَمَنْ وَصَفَهُ بِمِثْلِ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ فَهُوَ مُخْطِئٌ قَطْعًا كَمَنْ قَالَ إنَّهُ يَنْزِلُ فَيَتَحَرَّكُ وَيَنْتَقِلُ كَمَا يَنْزِلُ الْإِنْسَانُ مِنْ السَّطْحِ إلَى أَسْفَلِ الدَّارِ كَقَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إنَّهُ يَخْلُو مِنْهُ الْعَرْشُ؛ فَيَكُونُ نُزُولُهُ تَفْرِيغًا لِمَكَانِ وَشَغْلًا لِآخَرَ؛ فَهَذَا بَاطِلٌ يَجِبُ تَنْزِيهُ الرَّبِّ عَنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute