الثَّانِي: قَوْلُ الْمُتَكَلِّمَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: إنَّ اللَّهَ لَيْسَ فَوْقَ الْعَرْشِ. وَإِنَّ نِسْبَةَ الْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ إلَيْهِ سَوَاءٌ وَإِنَّهُ لَا دَاخِلَ الْعَالَمِ وَلَا خَارِجَهُ؛ لَكِنْ يُثْبِتُونَ حَرَكَةَ الْعَبْدِ وَالْمَلَائِكَةِ فَيَقُولُونَ: قُرْبُ الْعَبْدِ إلَى اللَّهِ حَرَكَةُ ذَاتِهِ إلَى الْأَمَاكِنِ الْمُشَرَّفَةِ عِنْدَ اللَّهِ وَهِيَ السَّمَوَاتُ وَحَمَلَةُ الْعَرْشِ وَالْجَنَّةُ وَبِذَلِكَ يُفَسِّرُونَ مِعْرَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَتَّفِقُ هَؤُلَاءِ وَاَلَّذِينَ قَبْلَهُمْ فِي حَرَكَةِ بَدَنِ الْعَبْدِ إلَى الْأَمَاكِنِ الْمُشَرَّفَةِ كَثُبُوتِ " الْعِبَادَاتِ " وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي حَرَكَةِ نَفْسِهِ. وَيُسَلِّمُ الْأَوَّلُونَ " حَرَكَةَ النَّفْسِ " بِمَعْنَى تَحَوُّلِهَا مِنْ حَالٍ إلَى حَالٍ؛ لَا بِمَعْنَى الِانْتِقَالِ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ وَاتِّفَاقُهُمْ عَلَى حَرَكَةِ الْجِسْمِ وَحَرَكَةِ الرُّوحِ أَيْضًا عِنْدَ الْآخَرِينَ إلَى كُلِّ مَكَانٍ تَظْهَرُ فِيهِ مَعْرِفَةُ اللَّهِ كَالسَّمَوَاتِ وَالْمَسَاجِدِ وَأَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَمَوَاضِعِ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَآيَاتِهِ فَهُوَ حَرَكَةٌ إلَى. . . (١)
الثَّالِثُ: قَوْلُ: " أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ " الَّذِينَ يُثْبِتُونَ أَنَّ اللَّهَ عَلَى الْعَرْشِ وَأَنَّ حَمَلَةَ الْعَرْشِ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِمَّنْ دُونَهُمْ وَأَنَّ مَلَائِكَةَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا أَقْرَبُ إلَى اللَّهِ مِنْ مَلَائِكَةِ السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا عُرِجَ بِهِ إلَى السَّمَاءِ صَارَ يَزْدَادُ قُرْبًا إلَى رَبِّهِ بِعُرُوجِهِ وَصُعُودِهِ وَكَانَ عُرُوجُهُ إلَى اللَّهِ لَا إلَى مُجَرَّدِ خَلْقٍ مِنْ خَلْقِهِ وَأَنَّ رُوحَ الْمُصَلِّي تَقْرُبُ إلَى اللَّهِ فِي السُّجُودِ وَإِنْ كَانَ بَدَنُهُ مُتَوَاضِعًا. وَهَذَا هُوَ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ نُصُوصُ الْكِتَابِ.
(١) سقط في الأصل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute