للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَلَوْ وَصَفْنَاهُ بِالصِّفَاتِ أَوْ بِالْأَفْعَالِ الْقَائِمَةِ بِهِ لَجَازَ أَنْ تَقُومَ الْأَفْعَالُ وَالصِّفَاتُ بِالْقَدِيمِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ دَلِيلًا عَلَى حُدُوثِ الْأَجْسَامِ فَيَبْطُلُ دَلِيلُ إثْبَاتِ الصِّفَاتِ. فَيُقَالُ لَهُمْ: الْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: (أَحَدُهَا: أَنَّ بُطْلَانَ هَذَا الدَّلِيلِ الْمُعَيَّنِ لَا يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ جَمِيعِ الْأَدِلَّةِ وَإِثْبَاتُ الصَّانِعِ لَهُ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ لَا يُمْكِنُ ضَبْطُ تَفَاصِيلِهَا وَإِنْ أَمْكَنَ ضَبْطُ جُمَلِهَا. الثَّانِي: أَنَّ هَذَا الدَّلِيلَ لَمْ يَسْتَدِلَّ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَلَا مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَلَوْ كَانَتْ مَعْرِفَةُ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ وَالْإِيمَانُ بِهِ مَوْقُوفَةً عَلَيْهِ لَلَزِمَ أَنَّهُمْ كَانُوا غَيْرَ عَارِفِينَ بِاَللَّهِ وَلَا مُؤْمِنِينَ بِهِ وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْكُفْرِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ. الثَّالِثُ: أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ وَالْمُرْسَلِينَ لَمْ يَأْمُرُوا أَحَدًا بِسُلُوكِ هَذَا السَّبِيلِ فَلَوْ كَانَتْ الْمَعْرِفَةُ مَوْقُوفَةً عَلَيْهِ وَهِيَ وَاجِبَةٌ لَكَانَ وَاجِبًا وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَحَبَّةً كَانَ مُسْتَحَبًّا وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا لَشَرَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ كَانَ مَشْرُوعًا لَنَقَلَتْهُ الصَّحَابَةُ.