للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمَّا الْغَلَطُ فَلَا يَسْلَمُ مِنْهُ أَكْثَرُ النَّاسِ بَلْ فِي الصَّحَابَةِ مَنْ قَدْ يَغْلَطُ أَحْيَانًا وَفِيمَنْ بَعْدَهُمْ. وَلِهَذَا كَانَ فِيمَا صُنِّفَ فِي الصَّحِيحِ أَحَادِيثُ يُعْلَمُ أَنَّهَا غَلَطٌ وَإِنْ كَانَ جُمْهُورُ مُتُونِ الصَّحِيحَيْنِ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ حَقٌّ. فَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ يَعْلَمُ أَنَّهَا غَلَطٌ وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ نَفْسُهُ قَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ وَبَيَّنَ أَنَّهُ رَوَاهَا لِتُعْرَفَ بِخِلَافِ مَا تَعَمَّدَ صَاحِبُهُ الْكَذِبَ؛ وَلِهَذَا نَزَّهَ أَحْمَدُ مُسْنَدَهُ عَنْ أَحَادِيثِ جَمَاعَةٍ يَرْوِي عَنْهُمْ أَهْلُ السُّنَنِ كَأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ مِثْلِ مَشْيَخَةِ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ المزني عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَإِنْ كَانَ أَبُو دَاوُد يَرْوِي فِي سُنَنِهِ مِنْهَا فَشَرْطُ أَحْمَدَ فِي مُسْنَدِهِ أَجْوَدُ مِنْ شَرْطِ أَبِي دَاوُد فِي سُنَنِهِ. وَالْمَقْصُودُ أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الَّتِي تُرْوَى فِي ذَلِكَ مِنْ جِنْسِ أَمْثَالِهَا مِنْ الْأَحَادِيثِ الْغَرِيبَةِ الْمُنْكَرَةِ بَلْ الْمَوْضُوعَةِ الَّتِي يَرْوِيهَا مَنْ يَجْمَعُ فِي الْفَضَائِلِ وَالْمَنَاقِبِ الْغَثَّ وَالسَّمِينَ كَمَا يُوجَدُ مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا يُصَنِّفُ فِي فَضَائِلِ الْأَوْقَاتِ وَفَضَائِلِ الْعِبَادَاتِ وَفَضَائِلِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّحَابَةِ وَفَضَائِلِ الْبِقَاعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَبْوَابَ فِيهَا أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ وَأَحَادِيثُ حَسَنَةٌ وَأَحَادِيثُ ضَعِيفَةٌ وَأَحَادِيثُ كَذِبٍ مَوْضُوعَةٌ؛ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتَمَدَ فِي الشَّرِيعَةِ عَلَى الْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ الَّتِي لَيْسَتْ صَحِيحَةً وَلَا حَسَنَةً لَكِنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَغَيْرَهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ جَوَّزُوا أَنْ يُرْوَى فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَال مَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ ثَابِتٌ إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ كَذِبٌ.