الْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنْ يُقَالَ: نَفْسُ سَلْبِ هَذِهِ الصِّفَاتِ نَقْصٌ وَإِنْ لَمْ يُقَدَّرْ هُنَاكَ ضِدٌّ ثُبُوتِيٌّ فَنَحْنُ نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ مَا يَكُونُ حَيًّا عَلِيمًا قَدِيرًا مُتَكَلِّمًا سَمِيعًا بَصِيرًا أَكْمَلُ مِمَّنْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يُقَالُ سَمِيعٌ وَلَا أَصَمُّ كَالْجَمَادِ وَإِذَا كَانَ مُجَرَّدُ إثْبَاتِ هَذِهِ الصِّفَاتِ مِنْ الْكَمَالِ وَمُجَرَّدُ سَلْبِهَا مِنْ النَّقْصِ: وَجَبَ ثُبُوتُهَا لِلَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ كَمَالٌ مُمْكِنٌ لِلْمَوْجُودِ وَلَا نَقْصَ فِيهِ بِحَالِ؛ بَلْ النَّقْصُ فِي عَدَمِهِ. وَكَذَلِكَ إذَا قَدَّرْنَا مَوْصُوفَيْنِ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ. (أَحَدُهُمَا يَقْدِرُ عَلَى التَّصَرُّفِ بِنَفْسِهِ؛ فَيَأْتِي وَيَجِيءُ وَيَنْزِلُ وَيَصْعَدُ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَفْعَالِ الْقَائِمَةِ بِهِ (وَالْآخَرُ يَمْتَنِعُ ذَلِكَ مِنْهُ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَصْدُرَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَفْعَالِ: كَانَ هَذَا الْقَادِرُ عَلَى الْأَفْعَالِ الَّتِي تَصْدُرُ عَنْهُ أَكْمَلَ مِمَّنْ يَمْتَنِعُ صُدُورُهَا عَنْهُ. وَإِذَا قِيلَ قِيَامُ هَذِهِ الْأَفْعَالِ يَسْتَلْزِمُ قِيَامَ الْحَوَادِثِ بِهِ: كَانَ كَمَا إذَا قِيلَ قِيَامُ الصِّفَاتِ بِهِ يَسْتَلْزِمُ قِيَامَ الْأَعْرَاضِ بِهِ. وَلَفْظُ (الْأَعْرَاضِ وَالْحَوَادِثِ لَفْظَانِ مُجْمَلَانِ فَإِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ مَا يَعْقِلُهُ أَهْلُ اللُّغَةِ مِنْ أَنَّ الْأَعْرَاضَ وَالْحَوَادِثَ هِيَ الْأَمْرَاضُ وَالْآفَاتُ كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ قَدْ عَرَضَ لَهُ مَرَضٌ شَدِيدٌ وَفُلَانٌ قَدْ أَحْدَثَ حَدَثًا عَظِيمًا كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ}
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute