للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمِنْهُمْ مَنْ يُجَوِّزُ إطْلَاقَ هَذَا السَّلْبِ وَهَذَا السَّلْبِ: فِي إطْلَاقِهِمَا جَمِيعًا كَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى. وَمَنْشَأُ هَذَا أَنَّ لَفْظَ " الْغَيْرِ " يُرَادُ بِهِ الْمُغَايِرُ لِلشَّيْءِ وَيُرَادُ بِهِ مَا لَيْسَ هُوَ إيَّاهُ وَكَانَ فِي إطْلَاقِ الْأَلْفَاظِ الْمُجْمَلَةِ إيهَامٌ لِمَعَانِي فَاسِدَةٍ. وَنَحْنُ نُجِيبُ بِجَوَابِ عِلْمِيٍّ فَنَقُولُ: قَوْل الْقَائِلِ: يَتَكَمَّلُ بِغَيْرِهِ. أَيُرِيدُ بِهِ بِشَيْءِ مُنْفَصِلٍ عَنْهُ أَمْ يُرِيدُ بِصِفَةِ لَوَازِمِ ذَاتِهِ؟ أَمَّا الْأَوَّلُ فَمُمْتَنِعٌ. وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ حَقٌّ وَلَوَازِمُ ذَاتِهِ لَا يُمْكِنُ وُجُودُ ذَاتِهِ بِدُونِهَا؛ كَمَا لَا يُمْكِنُ وُجُودُهَا بِدُونِهِ وَهَذَا كَمَالٌ بِنَفْسِهِ لَا بِشَيْءِ مُبَايِنٍ لِنَفْسِهِ. وَقَدْ نَصَّ الْأَئِمَّةُ - كَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِ - وَأَئِمَّةِ الْمُثْبِتَةِ كَأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ كُلَّابٍ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ الْقَائِلَ إذَا قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. أَوْ قَالَ: دَعَوْت اللَّهَ وَعَبَدْته. أَوْ قَالَ: بِاَللَّهِ. فَاسْمُ اللَّهِ مُتَنَاوِلٌ لِذَاتِهِ الْمُتَّصِفَةِ بِصِفَاتِهِ؛ وَلَيْسَتْ صِفَاتُهُ زَائِدَةً عَلَى مُسَمَّى أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى. وَإِذَا قِيلَ: هَلْ صِفَاتُهُ زَائِدَةٌ عَلَى الذَّاتِ أَمْ لَا؟ قِيلَ: إنْ أُرِيدَ بِالذَّاتِ الْمُجَرَّدَةِ الَّتِي يُقِرُّ بِهَا نفاة الصِّفَات فَالصِّفَاتُ زَائِدَةٌ عَلَيْهَا وَإِنْ أُرِيدَ بِالذَّاتِ الذَّاتُ الْمَوْجُودَةُ فِي الْخَارِجِ فَتِلْكَ لَا تَكُونُ مَوْجُودَةً إلَّا بِصِفَاتِهَا اللَّازِمَةِ. وَالصِّفَاتُ لَيْسَتْ زَائِدَةً عَلَى الذَّاتِ الْمُتَّصِفَةِ بِالصِّفَاتِ وَإِنْ كَانَتْ زَائِدَةً عَلَى الذَّاتِ الَّتِي يُقَدَّرُ تَجَرُّدُهَا عَنْ الصِّفَاتِ.