وَيُقَالُ ثَانِيًا: فِي إبْطَالِ قَوْلِ مَنْ جَعَلَ حُدُوثَ الْحَوَادِثِ مُمْتَنِعًا: - هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى تَجَدُّدِ هَذِهِ الْأُمُورِ بِتَجَدُّدِ الْإِضَافَاتِ وَالْأَحْوَالِ وَالْإِعْدَامِ؛ فَإِنَّ النَّاسَ مُتَّفِقُونَ عَلَى تَجَدُّدِ هَذِهِ الْأُمُورِ. وَفَرَّقَ الآمدي بَيْنَهُمَا مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ فَقَالَ: هَذِهِ حَوَادِثُ وَهَذِهِ مُتَجَدِّدَاتٌ وَالْفُرُوقُ اللَّفْظِيَّةُ لَا تُؤَثِّرُ فِي الْحَقَائِقِ الْعِلْمِيَّةِ. فَيُقَالُ: تَجَدُّدُ هَذِهِ الْمُتَجَدِّدَاتِ إنْ أَوْجَبَ لَهُ كَمَالًا فَقَدْ عَدِمَهُ قَبْلَهُ وَهُوَ نَقْصٌ وَإِنْ أَوْجَبَ لَهُ نَقْصًا لَمْ يَجُزْ وَصْفُهُ بِهِ.
وَيُقَالُ ثَالِثًا: الْكَمَالُ الَّذِي يَجِبُ اتِّصَافُهُ بِهِ هُوَ الْمُمْكِنُ الْوُجُودَ وَأَمَّا الْمُمْتَنِعُ فَلَيْسَ مِنْ الْكَمَالِ الَّذِي يَتَّصِفُ بِهِ مَوْجُودٌ وَالْحَوَادِثُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ يَمْتَنِعُ وُجُودُهَا جَمِيعًا فِي الْأَزَلِ؛ فَلَا يَكُونُ انْتِفَاؤُهَا فِي الْأَزَلِ نَقْصًا؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ الْمُمْتَنِعِ لَيْسَ بِنَقْصِ.
وَيُقَالُ رَابِعًا: إذَا قُدِّرَ ذَاتٌ تَفْعَلُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ وَهِيَ قَادِرَةٌ عَلَى الْفِعْلِ بِنَفْسِهَا وَذَاتٌ لَا يُمْكِنُهَا أَنْ تَفْعَلَ بِنَفْسِهَا شَيْئًا؛ بَلْ هِيَ كَالْجَمَادِ الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَحَرَّك كَانَتْ الْأُولَى أَكْمَلَ مِنْ الثَّانِيَةِ. فَعَدَمُ هَذِهِ الْأَفْعَالِ نَقْصٌ بِالضَّرُورَةِ. وَأَمَّا وُجُودُهَا بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ فَهُوَ الْكَمَالُ.
وَيُقَالُ خَامِسًا: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ عَدَمَ هَذِهِ مُطْلَقًا نَقْصٌ وَلَا كَمَالٌ وَلَا وُجُودُهَا مُطْلَقًا نَقْصٌ وَلَا كَمَالٌ؛ بَلْ وُجُودُهَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي اقْتَضَتْهُ مَشِيئَتُهُ وَقُدْرَتُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute