للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ أَيِّ مَوْجُودٍ كَانَ: لَزِمَ أَنْ يَكُونَ نَقْصًا مِنْ اللَّهِ؛ بَلْ وَلَا يَقْبُحُ هَذَا مِنْ الْإِنْسَانِ مُطْلَقًا؛ بَلْ إذَا كَانَ لَهُ مَصْلَحَةٌ فِي تَعْذِيبِ بَعْضِ الْحَيَوَانِ وَأَنْ يَفْعَلَ بِهِ مَا فِيهِ تَعْذِيبٌ لَهُ حَسُنَ ذَلِكَ مِنْهُ؛ كَاَلَّذِي يَصْنَعُ الْقَزَّ فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي يَسْعَى فِي أَنَّ دُودَ الْقَزِّ يَنْسِجُهُ ثُمَّ يَسْعَى فِي أَنْ يُلْقَى فِي الشَّمْسِ لِيَحْصُلَ لَهُ الْمَقْصُودُ مِنْ الْقَزِّ وَهُوَ هُنَا لَهُ سَعْيٌ فِي حَرَكَةِ الدُّودِ الَّتِي كَانَتْ سَبَبَ تَعْذِيبِهِ. وَكَذَلِكَ الَّذِي يَسْعَى فِي أَنْ يَتَوَالَدَ لَهُ مَاشِيَةٌ وَتَبِيضَ لَهُ دَجَاجٌ ثُمَّ يَذْبَحُ ذَلِكَ لِيَنْتَفِعَ بِهِ فَقَدْ تَسَبَّبَ فِي وُجُودِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ تَسَبُّبًا أَفْضَى إلَى عَذَابِهِ؛ لِمَصْلَحَةِ لَهُ فِي ذَلِكَ. فَفِي " الْجُمْلَةِ ": الْإِنْسَانُ يَحْسُنُ مِنْهُ إيلَامُ الْحَيَوَانِ لِمَصْلَحَةِ رَاجِحَةٍ فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ جِنْسُ هَذَا مَذْمُومًا وَلَا قَبِيحًا وَلَا ظُلْمًا وَإِنْ كَانَ مِنْ ذَلِكَ مَا هُوَ ظُلْمٌ. وَحِينَئِذٍ فَالظُّلْمُ مِنْ اللَّهِ إمَّا أَنْ يُقَالَ: هُوَ مُمْتَنِعٌ لِذَاتِهِ؛ لِأَنَّ الظُّلْمَ تَصَرُّفُ الْمُتَصَرِّفِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ وَاَللَّهُ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ؛ أَوْ الظُّلْمُ مُخَالَفَةُ الْأَمْرِ الَّذِي تَجِبُ طَاعَتُهُ؛ وَاَللَّهُ تَعَالَى يَمْتَنِعُ مِنْهُ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ مُخَالَفَةُ أَمْرِ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ طَاعَتُهُ. فَإِذَا كَانَ الظُّلْمُ لَيْسَ إلَّا هَذَا أَوْ هَذَا: امْتَنَعَ الظُّلْمُ مِنْهُ. وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: هُوَ مُمْكِنٌ لَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يَفْعَلُهُ لِغِنَاهُ وَعِلْمِهِ بِقُبْحِهِ؛ وَلِإِخْبَارِهِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ؛ وَلِكَمَالِ نَفْسِهِ يَمْتَنِعُ وُقُوعُ الظُّلْمِ مِنْهُ إذْ كَانَ الْعَدْلُ وَالرَّحْمَةُ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ؛ فَيَمْتَنِعُ اتِّصَافُهُ بِنَقِيضِ صِفَاتِ الْكَمَالِ الَّتِي هِيَ مِنْ لَوَازِمِهِ عَلَى هَذَا