للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالْمَنْسُوبِ إلَيْهِ كَمَا أَنَّ الْإِنْسَانَ يَصْعَدُ إلَى السَّطْحِ فَيَصِيرُ فَوْقَهُ ثُمَّ يَجْلِسُ عَلَيْهِ فَيَصِيرُ تَحْتَهُ وَالسَّطْحُ مُتَّصِفٌ تَارَةً بِالْفَوْقِيَّةِ وَالْعُلُوِّ وَتَارَةً بِالتَّحْتِيَّةِ وَالسُّفُولِ مِنْ غَيْرِ قِيَامِ صِفَةٍ فِيهِ وَلَا تَغَيُّرٍ. وَكَذَلِكَ إذَا وُلِدَ لِلْإِنْسَانِ مَوْلُودٌ فَيَصِيرُ أَخُوهُ عَمًّا وَأَبُوهُ جَدًّا وَابْنُهُ أَخًا وَأَخُو زَوْجَتِهِ خَالًا وَتُنْسَبُ لَهُمْ هَذِهِ النِّسَبُ وَالْإِضَافَاتُ مِنْ غَيْرِ تَغَيُّرٍ فِيهِمْ. (وَالْقَوْلُ الثَّانِي: - وَهُوَ قَوْلُ الكَرَّامِيَة وَكَثِيرٍ مِنْ الْحَنْبَلِيَّةِ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَمَنْ اتَّبَعَهُمْ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالصُّوفِيَّةِ وَجُمْهُورِ الْمُسْلِمِينَ. وَأَكْثَرُ كَلَامِ السَّلَفِ وَمَنْ حَكَى مَذْهَبَهُمْ حَتَّى الْأَشْعَرِيَّ؛ يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ - أَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ الْفِعْلِيَّةَ وَنَحْوَهَا؛ الْمُضَافَةَ إلَى اللَّهِ: " قِسْمٌ ثَالِثٌ " لَيْسَتْ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ الْمُنْفَصِلَةِ عَنْهُ؛ وَلَيْسَتْ بِمَنْزِلَةِ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ الْقَدِيمَةِ الْوَاجِبَةِ الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِهَا مَشِيئَتُهُ: لَا بِأَنْوَاعِهَا وَلَا بِأَعْيَانِهَا. وَقَدْ يَقُولُ هَؤُلَاءِ: إنَّهُ يَتَكَلَّمُ إذَا شَاءَ وَيَسْكُتُ إذَا شَاءَ وَلَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا؛ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يَتَكَلَّمُ إذَا شَاءَ وَيَسْكُتُ إذَا شَاءَ وَكَلَامُهُ مِنْهُ لَيْسَ مَخْلُوقًا. وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ: وَإِنْ كَانَ لَهُ مَشِيئَةٌ قَدِيمَةٌ فَهُوَ يُرِيدُ إذَا شَاءَ وَيَغْضَبُ وَيَمْقُتُ. وَيُقِرُّ هَؤُلَاءِ أَوْ أَكْثَرُهُمْ مَا جَاءَ مِنْ النُّصُوصِ عَلَى ظَاهِرِهِ مِثْلَ قَوْلِهِ: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} أَنَّهُ اسْتَوَى عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَوِيًا عَلَيْهِ