تُبْهِرُهُمْ مِثْلُ قَوْلِهِ: " إذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاءِ كَجَرِّ السِّلْسِلَةِ عَلَى الصَّفَا ". وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا صَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الصُّبْحِ بالحديبية: " {أَتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ اللَّيْلَةَ} "؟ وَتَكْلِيمُهُ لِمُوسَى وَنِدَاؤُهُ لَهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَعَلَى قَوْلِهِمْ يَجُوزُ أَنْ يَسْمَعَ كُلُّ أَحَدٍ الْكَلَامَ الَّذِي سَمِعَهُ مُوسَى. ثُمَّ مَنْ تَفَلْسَفَ مِنْهُمْ كَالْغَزَالِيِّ فِي " مِشْكَاةِ الْأَنْوَارِ " وَجَدَهُ يُجَوِّزُ مِثْلَ ذَلِكَ لِأَهْلِ الصَّفَاءِ وَالرِّيَاضَةِ؛ وَهُوَ مَا يَتَنَزَّلُ عَلَى قُلُوبِهِمْ مِنْ الْإِلْهَامَاتِ كَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {إنَّهُ قَدْ كَانَ فِي الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ مُحَدِّثُونَ} ". وَقَوْلُ أَبِي الدَّرْدَاءِ وعبادة بْنِ الصَّامِتِ: " رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ كَلَامٌ تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ عِنْدَهُ فِي مَنَامِهِ ". فَيَجْعَلُونَ " الْإِيحَاءَ " وَالْإِلْهَامَ " الَّذِي يَحْصُلُ فِي الْيَقَظَةِ وَالْمَنَامِ مِثْلَ سَمَاعِ مُوسَى كَلَامَ اللَّهِ سَوَاءً لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا. إلَّا أَنَّ مُوسَى قَصَدَ بِذَلِكَ الْخِطَابَ وَغَيْرُهُ سَمِعَ مَا خُوطِبَ بِهِ غَيْرُهُ. ثُمَّ عِنْدَ " التَّحْقِيقِ " يَرْجِعُونَ إلَى مَحْضِ الْفَلْسَفَةِ؛ فِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مُوسَى وَغَيْرِهِ بِحَالِ كَمَا أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُتَأَوِّلَةَ الْمُتَفَلْسِفَةَ يَجْعَلُونَ خَلْعَ " النَّعْلَيْنِ " إشَارَةً إلَى تَرْكِ الْعَالَمِينَ وَ " الطُّورَ " عِبَارَةً عَنْ الْعَقْلِ الْفَعَّالِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ تَأْوِيلَاتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute