للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: " الِاسْمُ " هُنَا صِلَةٌ وَالْمُرَادُ سَبِّحْ رَبَّك وَتَبَارَكَ رَبُّك. وَإِذَا قِيلَ: هُوَ صِلَةٌ فَهُوَ زَائِدٌ لَا مَعْنَى لَهُ؛ فَيُبْطِلُ قَوْلَهُمْ إنَّ مَدْلُولَ لَفْظِ اسْمٍ " أَلِفٌ سِينٌ مِيمٌ " هُوَ الْمُسَمَّى فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مَدْلُولٌ مُرَادٌ لَمْ يَكُنْ صِلَةً. وَمَنْ قَالَ إنَّهُ هُوَ الْمُسَمَّى وَأَنَّهُ صِلَةٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ؛ فَقَدْ تَنَاقَضَ فَإِنَّ الَّذِي يَقُولُ هُوَ صِلَةٌ لَا يَجْعَلُ لَهُ مَعْنًى؛ كَمَا يَقُولُهُ مَنْ يَقُولُ ذَلِكَ فِي الْحُرُوفِ الزَّائِدَةِ الَّتِي تَجِيءُ لِلتَّوْكِيدِ كَقَوْلِهِ: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} و {قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ} وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَمَنْ قَالَ: إنَّهُ لَيْسَ بِصِلَةِ بَلْ الْمُرَادُ تَسْبِيحُ الِاسْمِ نَفْسِهِ فَهَذَا مُنَاقِضٌ لِقَوْلِهِمْ مُنَاقَضَةً ظَاهِرَةً. وَ " التَّحْقِيقُ " أَنَّهُ لَيْسَ بِصِلَةِ بَلْ أَمَرَ اللَّهُ بِتَسْبِيحِ اسْمِهِ كَمَا أَمَرَ بِذِكْرِ اسْمِهِ. وَالْمَقْصُودُ بِتَسْبِيحِهِ وَذِكْرِهِ هُوَ تَسْبِيحُ الْمُسَمَّى وَذِكْرُهُ فَإِنَّ الْمُسَبِّحَ وَالذَّاكِرَ إنَّمَا يُسَبِّحُ اسْمَهُ وَيَذْكُرُ اسْمَهُ؛ فَيَقُولُ: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى فَهُوَ نَطَقَ بِلَفْظِ رَبِّي الْأَعْلَى وَالْمُرَادُ هُوَ الْمُسَمَّى بِهَذَا اللَّفْظِ فَتَسْبِيحُ الِاسْمِ هُوَ تَسْبِيحُ الْمُسَمَّى. وَمَنْ جَعَلَهُ تَسْبِيحًا لِلِاسْمِ يَقُولُ الْمَعْنَى أَنَّك لَا تُسَمِّ بِهِ غَيْرَ اللَّهِ وَلَا تُلْحِدُ فِي أَسْمَائِهِ فَهَذَا مِمَّا يَسْتَحِقُّهُ اسْمُ اللَّهِ لَكِنَّ هَذَا تَابِعٌ لِلْمُرَادِ بِالْآيَةِ لَيْسَ هُوَ الْمَقْصُودَ بِهَا الْقَصْدَ الْأَوَّلَ. وَقَدْ ذَكَرَ " الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ " غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ كالبغوي قَالَ قَوْلُهُ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} أَيْ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى. وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ جَمَاعَةٌ