للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ} . وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمَّا أَكَلَا مِنْهَا نَادَاهُمَا لَمْ يُنَادِهِمَا قَبْلَ ذَلِكَ. وَقَالَ تَعَالَى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} . {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} . فَجَعَلَ النِّدَاءَ فِي يَوْمٍ مُعَيَّنٍ وَذَلِكَ الْيَوْمُ حَادِثٌ كَائِنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ وَهُوَ حِينَئِذٍ يُنَادِيهِمْ؛ لَمْ يُنَادِهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ. وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} . فَبَيَّنَ أَنَّهُ يَحْكُمُ فَيُحَلِّلُ مَا يُرِيدُ وَيُحَرِّمُ مَا يُرِيدُ وَيَأْمُرُ بِمَا يُرِيدُ؛ فَجَعَلَ التَّحْلِيلَ وَالتَّحْرِيمَ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مُتَعَلِّقًا بِإِرَادَتِهِ وَيَنْهَى بِإِرَادَتِهِ وَيُحَلِّلُ بِإِرَادَتِهِ وَيُحَرِّمُ بِإِرَادَتِهِ؛ وَ " الْكُلَّابِيَة " يَقُولُونَ: لَيْسَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِإِرَادَتِهِ؛ بَلْ قَدِيمٌ لَازِمٌ لِذَاتِهِ غَيْرُ مُرَادٍ لَهُ وَلَا مَقْدُورٍ. وَ " الْمُعْتَزِلَةُ مَعَ الْجَهْمِيَّة " يَقُولُونَ: كُلُّ ذَلِكَ مَخْلُوقٌ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ لَيْسَ لَهُ كَلَامٌ قَائِمٌ بِهِ لَا بِإِرَادَتِهِ وَلَا بِغَيْرِ إرَادَتِهِ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ.