للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَمَالٍ فَقَدْ كَانَ فَاقِدًا لَهَا قَبْلَ حُدُوثِهَا وَعَدَمُ الْكَمَالِ نَقْصٌ؛ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ كَانَ نَاقِصًا وَتَنْزِيهُهُ عَنْ النَّقْصِ وَاجِبٌ بِالْإِجْمَاعِ وَهَذِهِ الْحُجَّةُ مِنْ أَفْسَدِ الْحُجَجِ وَذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: نَفْيُ النَّقْصِ عَنْهُ لَمْ يُعْلَمْ بِالْعَقْلِ وَإِنَّمَا عُلِمَ " بِالْإِجْمَاعِ " - وَعَلَيْهِ اعْتَمَدُوا فِي نَفْيِ النَّقْصِ - فَنَعُودُ إلَى احْتِجَاجِهِمْ بِالْإِجْمَاعِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي مَوَارِدِ النِّزَاعِ؛ فَإِنَّ الْمُنَازِعَ لَهُمْ يَقُولُ أَنَا لَمْ أُوَافِقْكُمْ عَلَى نَفْيِ هَذَا الْمَعْنَى وَإِنْ وَافَقْتُكُمْ عَلَى إطْلَاقِ الْقَوْلِ بِأَنَّ اللَّهَ مُنَزَّهٌ عَنْ النَّقْصِ؛ فَهَذَا الْمَعْنَى عِنْدِي لَيْسَ بِنَقْصِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِيمَا سَلَّمْته لَكُمْ فَإِنْ بَيَّنْتُمْ بِالْعَقْلِ أَوْ بِالسَّمْعِ انْتِفَاءَهُ وَإِلَّا فَاحْتِجَاجُكُمْ بِقَوْلِي مَعَ أَنِّي لَمْ أُرِدْ ذَلِكَ كَذِبٌ عَلَيَّ؛ فَإِنَّكُمْ تَحْتَجُّونَ بِالْإِجْمَاعِ؛ وَالطَّائِفَةِ الْمُثْبِتَةِ مِنْ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ وَهُمْ لَمْ يُسَلِّمُوا هَذَا. الثَّانِي: أَنَّ عَدَمَ هَذِهِ الْأُمُورِ قَبْلَ وُجُودِهَا نَقْصٌ؛ بَلْ لَوْ وُجِدَتْ قَبْلَ وُجُودِهَا لَكَانَ نَقْصًا؛ مِثَالُ ذَلِكَ تَكْلِيمُ اللَّهِ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَنِدَاؤُهُ لَهُ فَنِدَاؤُهُ حِينَ نَادَاهُ صِفَةُ كَمَالٍ؛ وَلَوْ نَادَاهُ قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ لَكَانَ ذَلِكَ نَقْصًا؛ فَكُلٌّ مِنْهَا كَمَالٌ حِينَ وُجُودِهِ؛ لَيْسَ بِكَمَالِ قَبْلَ وُجُودِهِ؛ بَلْ وَجُودُهُ قَبْلَ الْوَقْتِ الَّذِي تَقْتَضِي الْحِكْمَةُ وَجُودَهُ فِيهِ نَقْصٌ. الثَّالِثُ: أَنْ يُقَالَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ عَدَمَ ذَلِكَ نَقْصٌ فَإِنَّ مَا كَانَ حَادِثًا