لَا يَقْدِرُ عَلَى فِعْلٍ مُتَّصِلٍ بِهِ لَزِمَ أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى الْمُنْفَصِلِ؛ فَلَزِمَ عَلَى قَوْلِكُمْ أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى شَيْءٍ وَلَا أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا فَلَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ خَالِقًا لِشَيْءِ؛ وَهَذَا لَازِمٌ للنفاة لَا مَحِيدَ لَهُمْ عَنْهُ. وَلِهَذَا قِيلَ: الطَّرِيقُ الَّتِي سَلَكُوهَا فِي حُدُوثِ الْعَالَمِ وَإِثْبَاتِ الصَّانِعِ: تُنَاقِضُ حُدُوثَ الْعَالَمِ وَإِثْبَاتِ الصَّانِعِ وَلَا يَصِحُّ الْقَوْلُ بِحُدُوثِ الْعَالَمِ وَإِثْبَاتِ الصَّانِعِ إلَّا بِإِبْطَالِهَا؛ لَا بِإِثْبَاتِهَا. فَكَانَ مَا اعْتَمَدُوا عَلَيْهِ وَجَعَلُوهُ أُصُولًا لِلدِّينِ وَدَلِيلًا عَلَيْهِ هُوَ فِي نَفْسِهِ بَاطِلٌ شَرْعًا وَعَقْلًا وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِلدِّينِ وَمُنَافٍ لَهُ. وَلِهَذَا كَانَ " السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ " يَعِيبُونَ كَلَامَهُمْ هَذَا وَيَذُمُّونَهُ وَيَقُولُونَ: مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ بِالْكَلَامِ تَزَنْدَقَ؛ كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ. وَيَرْوِي عَنْ مَالِكٍ. وَيَقُولُ الشَّافِعِيُّ: حُكْمِي فِي أَهْلِ الْكَلَامِ أَنْ يُضْرَبُوا بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ وَيُطَافَ بِهِمْ فِي الْعَشَائِرِ وَيُقَالَ: هَذَا جَزَاءُ مَنْ تَرَكَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَأَقْبَلَ عَلَى الْكَلَامِ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: عُلَمَاءُ الْكَلَامِ زَنَادِقَةٌ وَمَا ارْتَدَى أَحَدٌ بِالْكَلَامِ فَأَفْلَحَ. وَقَدْ صَدَقَ الْأَئِمَّةُ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ يَبْنُونَ أَمْرَهُمْ عَلَى " كَلَامٍ مُجْمَلٍ " يَرُوجُ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْرِفْ حَقِيقَتَهُ فَإِذَا اعْتَقَدَ أَنَّهُ حَقٌّ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مُنَاقِضٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بَقِيَ فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَنِفَاقٌ وَرَيْبٌ وَشَكٌّ؛ بَلْ طَعَنَ فِيمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَهَذِهِ هِيَ الزَّنْدَقَةُ. وَهُوَ " كَلَامٌ بَاطِلٌ مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ " كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: الْعِلْمُ بِالْكَلَامِ هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute