للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْصُلُ لِذَاتِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ - فَكَانَ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ مَمْلُوكًا مَخْلُوقًا لِلرَّبِّ فَقَطْ وَإِنَّمَا يَكُونُ " مَلِكًا " إذَا كَانَ يَأْمُرُ وَيَنْهَى بِاخْتِيَارِهِ فَيُطَاعُ - وَإِنْ كَانَ اللَّهُ خَالِقًا لِفِعْلِهِ وَلِكُلِّ شَيْءٍ. وَلَكِنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ " مَلِكًا " إلَّا مَنْ يَأْمُرُ وَيَنْهَى بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ بَلْ مَنْ قَالَ إنَّهُ لَازِمٌ لَهُ بِغَيْرِ مَشِيئَتِهِ أَوْ قَالَ إنَّهُ مَخْلُوقٌ لَهُ فَكِلَاهُمَا يَلْزَمُهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ " مَلِكًا " وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِمَشِيئَتِهِ لَمْ يَكُنْ " مَالِكًا " أَيْضًا. فَمَنْ قَالَ إنَّهُ لَا يَقُومُ بِهِ " فِعْلٌ اخْتِيَارِيٌّ " لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فِي الْحَقِيقَةِ مَالِكًا لِشَيْءِ وَإِذَا اعْتَبَرْت سَائِرَ الْقُرْآنِ وَجَدْت أَنَّهُ مَنْ لَمْ يُقِرَّ " بِالصِّفَاتِ الِاخْتِيَارِيَّةِ " لَمْ يَقُمْ بِحَقِيقَةِ الْإِيمَانِ وَلَا الْقُرْآنِ فَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ الْفَاتِحَةَ وَغَيْرَهَا يَدُلُّ عَلَى " الصِّفَاتِ الِاخْتِيَارِيَّةِ " وَقَوْلُهُ: {إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فِيهِ إخْلَاصُ الْعِبَادَةِ لِلَّهِ وَالِاسْتِعَانَةُ بِهِ وَأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَعْبُدُونَ إلَّا اللَّهَ وَلَا يَسْتَعِينُونَ إلَّا بِاَللَّهِ؛ فَمَنْ دَعَا غَيْرَ اللَّهِ مِنْ الْمَخْلُوقِينَ أَوْ اسْتَعَانَ بِهِمْ: مِنْ أَهْلِ الْقُبُورِ وَغَيْرِهِمْ لَمْ يُحَقِّقْ قَوْلَهُ: {إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} وَلَا يُحَقِّقُ ذَلِكَ إلَّا مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ " الزِّيَارَةِ الشَّرْعِيَّةِ " وَ " الزِّيَارَةِ الْبِدْعِيَّةِ ". فَإِنَّ " الزِّيَارَةَ الشَّرْعِيَّةَ " عِبَادَةٌ لِلَّهِ وَطَاعَةٌ لِرَسُولِهِ وَتَوْحِيدٌ لِلَّهِ وَإِحْسَانٌ إلَى عِبَادِهِ وَعَمَلٌ صَالِحٌ مِنْ الزَّائِرِ يُثَابُ عَلَيْهِ. وَ " الزِّيَارَةُ الْبِدْعِيَّةُ " شِرْكٌ بِالْخَالِقِ وَظُلْمٌ لِلْمَخْلُوقِ وَظُلْمٌ لِلنَّفْسِ. فَصَاحِبُ الزِّيَارَةِ الشَّرْعِيَّةِ هُوَ الَّذِي يُحَقِّقُ قَوْلَهُ: {إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ