للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَذَا فَاتِحُ الْأَمْصَارِ وَهَذَا نَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ؛ وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى فَالْخَلْقُ مِنْ الصِّفَاتِ النِّسْبِيَّةِ الْإِضَافِيَّةِ. وَإِذَا جَعَلْنَا الْخَلْقَ صِفَةً قَائِمَةً بِهِ فَهَلْ هِيَ الْمَشِيئَةُ وَالْقَوْلُ أَمْ صِفَةٌ أُخْرَى؟ عَلَى (قَوْلَيْنِ. " الثَّانِي " قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَأَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ؛ كَمَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الرَّحْمَةِ وَالرِّضَا وَالْغَضَبِ هَلْ هِيَ الْإِرَادَةُ أَمْ صِفَةٌ غَيْرُ الْإِرَادَةِ؟ عَلَى " قَوْلَيْنِ " أَصَحُّهُمَا أَنَّهَا لَيْسَتْ هِيَ الْإِرَادَةَ. فَمَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَهُوَ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ. وَأَمَّا قَوْلُنَا: هُوَ مَوْصُوفٌ فِي الْأَزَلِ بِالصِّفَاتِ الْفِعْلِيَّةِ مِنْ الْخَلْقِ وَالْكَرَمِ وَالْمَغْفِرَةِ؛ فَهَذَا إخْبَارٌ عَنْ أَنَّ وَصْفَهُ بِذَلِكَ مُتَقَدِّمٌ؛ لِأَنَّ الْوَصْفَ هُوَ الْكَلَامُ الَّذِي يُخْبِرُ بِهِ عَنْهُ وَهَذَا مِمَّا تَدْخُلُهُ الْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ وَهُوَ حَقِيقَةٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا؛ وَأَمَّا اتِّصَافُهُ بِذَلِكَ فَسَوَاءٌ كَانَ صِفَةً ثُبُوتِيَّةً وَرَاءَ الْقُدْرَةِ أَوْ إضَافِيَّةً. فِيهِ مِنْ الْكَلَامِ مَا تَقَدَّمَ.