الْوَجْهُ الثَّانِيَ عَشَرَ أَنْ يُقَالَ: عُمْدَةُ الْنُّفَاةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَابِلًا لَهَا فِي الْأَزَلِ: لَلَزِمَ وُجُودُهَا أَوْ إمْكَانَ وُجُودِهَا فِي الْأَزَلِ وَقَرَّرُوا ذَلِكَ فِي " الطَّرِيقَةِ الْمَشْهُورَةِ " بِأَنَّ الْقَابِلَ لِلشَّيْءِ لَا يَخْلُو عَنْهُ وَعَنْ ضِدِّهِ. وَقَدْ نَازَعَهُمْ الْجُمْهُورُ فِي هَذِهِ " الْمُقَدِّمَةِ " وَنَازَعَهُمْ فِيهَا الرَّازِي والآمدي وَغَيْرُهُمَا. وَهُمْ يَقُولُونَ: كُلُّ جِسْمٍ مِنْ الْأَجْسَامِ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ كُلِّ جِنْسٍ مِنْ الْأَعْرَاضِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ؛ لِأَنَّ الْقَابِلَ لِلشَّيْءِ لَا يَخْلُو مِنْهُ وَمِنْ ضِدِّهِ؛ فَلِذَلِكَ عَدَلَ مَنْ عَدَلَ إلَى أَنْ يَقُولُوا: لَوْ كَانَ قَابِلًا لَهَا لَكَانَ قَبُولُهُ لَهَا مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يُفَسَّرَ: لَوْ كَانَ قَابِلًا لِلْحَوَادِثِ لَمْ يَخْلُ مِنْ الْحَادِثِ أَوْ مِنْ ضِدِّهِ. فَقَوْلُهُمْ: الْقَابِلُ لِلشَّيْءِ: لَا يَخْلُو عَنْ ضِدِّهِ فَقَدْ يُقَالُ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ: إنَّ هَذَا يَخْتَصُّ بِهِ لَا بِمَا سِوَاهُ. وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ عَامٌّ أَيْضًا. فَيَقُولُ لَهُمْ أَصْحَابُهُمْ: مَا ذَكَرْتُمُوهُ فِي حَقِّهِ مَنْقُوضٌ بِقَبُولِ سَائِرِ الْمَوْصُوفَاتِ بِمَا تَقْبَلُهُ فَإِنَّ قَبُولَهَا لِمَا تَقْبَلُهُ إنْ كَانَ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهَا لَزِمَ أَنْ لَا تَزَالَ قَابِلَةً لَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ عَوَارِضِ الذَّاتِ فَهِيَ قَابِلَةٌ لِذَلِكَ الْقَبُولِ. وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ إمَّا التَّسَلْسُلُ وَإِمَّا الِانْتِهَاءُ إلَى قَابِلِيَّةٍ تَكُونُ مِنْ لَوَازِمِ الذَّاتِ؛ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا يَقْبَلُ شَيْئًا قَبُولُهُ لَهُ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْمَوْجُودَاتِ يَقْبَلُ صِفَاتٍ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ. وَجَوَابُ هَذَا: أَنَّ الْمَخْلُوقَ الَّذِي يَقْبَلُ بَعْضَ الصِّفَاتِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute