للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَمَا أَنَّ الْجَهْمِيَّة أَتَوْا بِحُجَجِ عَقْلِيَّةٍ اشْتَبَهَتْ عَلَى أَكْثَرِ النَّاسِ وَرَاجَتْ عَلَيْهِمْ إلَّا عَلَى قَلِيلٍ مِمَّنْ لَهُمْ خِبْرَةٌ بِذَلِكَ. وَالْكَلَامُ عَلَى أَحَادِيثِ الرَّافِضَةِ وَبَيَانِ الْفَرْقَانِ بَيْنَ الْحَدِيثِ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ مَذْكُورٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ كَالرَّدِّ عَلَى الرَّافِضَةِ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا الْكَلَامُ عَلَى " الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ " الَّتِي يَحْتَجُّ بِهَا الْمُبْطِلُ مِنْ الْجَهْمِيَّة نفاة الصِّفَاتِ وَمِنْ الْمُمَثِّلَةِ الَّذِينَ يُمَثِّلُونَهُ بِخَلْقِهِ وَعَلَى الْأَدِلَّةِ الَّتِي يَحْتَجُّ بِهَا الْقَدَرِيَّةُ النَّافِيَةُ وَالْقَدَرِيَّةُ الْمُجْبِرَةُ الْجَهْمِيَّة؛ فَإِنَّ هَذَيْنِ (الْأَصْلَيْنِ: وَهُمَا " الصِّفَاتُ " وَ " الْقَدَرُ " - وَيُسَمَّيَانِ التَّوْحِيدَ وَالْعَدْلَ - هُمَا أَعْظَمُ وَأَجَلُّ مَا تُكُلِّمَ فِيهِ فِي الْأُصُولِ وَالْحَاجَةُ إلَيْهِمَا أَعَمُّ وَمَعْرِفَةُ الْحَقِّ فِيهِمَا أَنْفَعُ مِنْ غَيْرِهِمَا بَلْ وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي أُصُولِ الدِّينِ مِنْ الْحُجَجِ الْعَقْلِيَّةِ وَالسَّمْعِيَّةِ. وَأَصْلُ ذَلِكَ الْكَلَامِ فِي أَفْعَالِ الرَّبِّ تَعَالَى وَأَقْوَالِهِ فِي " مَسْأَلَةِ حُدُوثِ الْعَالَمِ " وَفِي " مَسْأَلَةِ الْقُرْآنِ وَكَلَامِ اللَّهِ ". فَنَقُولُ: إذَا تَدَبَّرَ الْخَبِيرُ مَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ يَقُولُ: إنَّ الْقُرْآنَ قَدِيمٌ - كَالْأَشْعَرِيِّ وَأَتْبَاعِهِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ: كَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَأَتْبَاعِهِ وَأَبِي الْمَعَالِي وَأَبِي الْوَلِيدِ الباجي وَأَبِي مَنْصُورٍ الماتريدي وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْحَنْبَلِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ - لَمْ تُوجَدْ عِنْدَ التَّحْقِيقِ تَدُلُّ إلَّا عَلَى مَذْهَبِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ.