الرَّازِي فِي " أَوَّلِ الْمَطَالِبِ الْعَالِيَةِ " فَزَعَمُوا أَنَّهُمْ لَمْ يُثْبِتُوا بِهَا خَبَرًا فَضْلًا عَنْ بَيَانِ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ الْمُصَدِّقَةِ لِخَبَرِهِمْ. وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى فَسَادِ مَا ذَكَرَهُ فِي ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَالْمَقْصُودُ هُنَا: التَّنْبِيهُ عَلَى طَرِيقَةِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ سَلَكُوا مَسْلَكَ الْجَمْعِ بَيْنَ أَدِلَّةِ هَؤُلَاءِ وَأَدِلَّةِ هَؤُلَاءِ وَزَعَمُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ " الْجَوَابِ الْبَاهِرِ " وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ قَدْ ذَكَرَهَا الرَّازِي فِي كُتُبِهِ وَرَجَّحَهَا وَأَخَذَهَا عَنْهُ الأرموي وَذَكَرَهَا فِي كِتَابِ الْأَرْبَعِينَ وَأَخَذَهَا عَنْهُ القشيري الْمِصْرِيُّ وَهَذَا الْقَوْلُ يُشْبِهُ مَذْهَبَ الحرنانيين الْقَائِلِينَ بِالْقُدَمَاءِ الْخَمْسَةِ الَّذِي نَصَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الرَّازِي وَصَنَّفَ فِيهِ. وَالرَّازِي " يُقَوِّي هَذَا الْمَذْهَبَ فِي مُجْمَلِهِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ مَذْهَبًا مُتَنَاقِضًا كَمَا بَيَّنَ فَسَادَهُ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا البلخي وَأَبُو حَاتِمٍ صَاحِبُ " كِتَابِ الزِّينَةِ " وَغَيْرُهُمَا لَكِنْ بَيْنَ مَذْهَبِ الحرنانيين وَبَيْنَ مَذْهَبِ هَؤُلَاءِ فَرْقٌ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ. قَالَ هَؤُلَاءِ: الْمُتَكَلِّمُونَ إنَّمَا أَقَامُوا الْأَدِلَّةَ عَلَى حُدُوثِ الْأَجْسَامِ فَإِنَّهَا هِيَ الَّتِي بَيَّنُوا أَنَّهَا لَا تَخْلُوا مِنْ الْحَوَادِثِ وَمَا لَا يَخْلُو مِنْ الْحَوَادِثِ فَهُوَ حَادِثٌ لِامْتِنَاعِ حَوَادِثَ دَائِمَةٍ لَا ابْتِدَاءَ لَهَا. قَالُوا: وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُتَكَلِّمُونَ دَلِيلًا عَلَى نَفْيِ مَوْجُودٍ سِوَى الْأَجْسَامِ وَسِوَى الصَّانِعِ وَالْفَلَاسِفَةُ أَثْبَتُوا مَوْجُودَاتٍ غَيْرَ ذَلِكَ وَهِيَ الْعُقُولُ وَالنُّفُوسُ. قَالُوا: والمتكلمون لَمْ يُقِيمُوا دَلِيلًا عَلَى انْتِفَائِهَا وَدَلِيلُهُمْ عَلَى الْحُدُوثِ لَمْ يَشْمَلْهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute