الْفَلَاسِفَةِ. وَقَدْ يَقُولُونَ: مِقْدَارُ حَرَكَتِهَا هُوَ الزَّمَانُ فَقُلْنَا بِمُوجَبِ قِدَمِ نَوْعِ الْحَرَكَةِ وَالزَّمَانِ مَعَ حُدُوثِ الْأَجْسَامِ. فَهَذَا قَوْلُ هَؤُلَاءِ الْمُتَّبِعِينَ لِلطَّائِفَتَيْنِ. وَقَدْ قُلْنَا: إنَّهُمْ اتَّبَعُوا كُلَّ طَائِفَةٍ فِيمَا أَخْطَأَتْ فِيهِ وَأَمَّا تَنَاقُضُهُمْ فَلِأَنَّ الْمُتَكَلِّمِينَ إنَّمَا اعْتَمَدُوا فِي حُدُوثِ الْأَجْسَامِ عَلَى امْتِنَاعِ حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا هَذَا عُمْدَتُهُمْ؛ وَإِلَّا فَمَتَى جَازَ وُجُودُ حَوَادِثَ لَا بِدَايَةَ لَهَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ كُلِّ حَادِثٍ حَادِثٌ فَلَا يَلْزَمُ حُدُوثُ مَا تَقُومُ بِهِ الْحَوَادِثُ الْمُتَعَاقِبَةُ فَإِنْ كَانَ هَذَا الْأَصْلُ الَّذِي بَنَى عَلَيْهِ الْمُتَكَلِّمُونَ أَصْلًا صَحِيحًا ثَابِتًا امْتَنَعَ وُجُودُ حَرَكَاتٍ غَيْرِ مُتَنَاهِيَةٍ لِلنَّفْسِ وَغَيْرِ النَّفْسِ وَحِينَئِذٍ فَمَنْ قَالَ بِمُوجَبِ هَذَا الْأَصْلِ مَعَ قَوْلِهِ بِوُجُودِ حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا فِي النَّفْسِ أَوْ غَيْرِهَا فَقَدْ تَنَاقَضَ. " وَحَقِيقَةُ قَوْلِهِ " يَمْتَنِعُ وُجُودُ حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا وَيَجِبُ وُجُودُ حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا. وَإِنْ كَانَ هَذَا الْأَصْلُ بَاطِلًا بَطَلَتْ أَدِلَّتُهُمْ عَلَى حُدُوثِ الْأَجْسَامِ وَلَزِمَ جَوَازُ وُجُودِ حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا؛ وَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ قِدَمُ نَوْعِهَا فَالْقَوْلُ بِوُجُوبِ حُدُوثِهَا كُلِّهَا - وَأَنَّ سَبَبَ الْحُدُوثِ هُوَ حَالٌ لِلنَّفْسِ - تَنَاقُضٌ. وَ " أَيْضًا " فَإِنَّ النَّفْسَ عِنْدَ الْفَلَاسِفَةِ يَمْتَنِعُ وُجُودُهَا بِدُونِ الْجِسْمِ وَيَمْتَنِعُ وُجُودُ الْحَرَكَةِ فِيهَا إلَّا مَعَ الْجِسْمِ وَإِنَّمَا تَكُونُ نَفْسًا إذَا كَانَتْ مُقَارِنَةً لِلْجِسْمِ كَنَفْسِ الْإِنْسَانِ مَعَ بَدَنِهِ. فَنَفْسُ الْفَلَكِ إذَا فَارَقَتْ " الْمَادَّةَ " - وَهِيَ الْهَيُولى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute