للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْأَصْوَاتُ الْمَسْمُوعَةُ مِنْ الْقُرَّاءِ أَوْ يُسْمَعُ مِنْ الْقُرَّاءِ صَوْتَانِ: الصَّوْتُ الْقَدِيمُ وَصَوْتٌ مُحْدَثٌ. وَالصَّوْتُ الْقَدِيمُ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ حَلَّ فِي الْمُحْدَثِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: ظَهَرَ فِيهِ وَلَمْ يَحُلَّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ فِيهِ وَلَا نَقُولُ: ظَهَرَ وَلَا حَلَّ. وَالْقَائِلُونَ بِهَذَا طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالتَّصَوُّفِ؛ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِمَا. وَهَؤُلَاءِ حُلُولِيَّةٌ فِي الصِّفَاتِ دُونَ الذَّاتِ وَقَدْ وَافَقَهُمْ طَائِفَةٌ أُخْرَى مِنْ السالمية وَالصُّوفِيَّةِ. وَأُولَئِكَ يَقُولُونَ بِحُلُولِ الذَّاتِ أَيْضًا فِي كُلِّ شَيْءٍ وَأَنَّهُ يَتَجَلَّى لِكُلِّ شَيْءٍ بِصُورَتِهِ؛ وَقَوْلُهُمْ مِنْ جِنْسِ قَوْلِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ بِذَاتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَالْقَائِلِينَ " بِوِحْدَةِ الْوُجُودِ ". لَكِنْ هُمْ يَقُولُونَ مَعَ ذَلِكَ: إنَّهُ عَلَى الْعَرْشِ وَإِنَّهُ يَحُلُّ فِي قُلُوبِ الْعَارِفِينَ بِذَاتِهِ وَإِنَّهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ؛ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو طَالِبٍ الْمَكِّيُّ وَنَحْوُهُ. وَأَمَّا " الْأَشْعَرِيَّةُ " فَعَكْسُ هَؤُلَاءِ وَقَوْلُهُمْ يَسْتَلْزِمُ التَّعْطِيلَ وَأَنَّهُ لَا دَاخِلَ الْعَالَمِ وَلَا خَارِجَهُ وَكَلَامُهُ مَعْنًى وَاحِدٌ وَمَعْنَى آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَآيَةِ الدَّيْنِ وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَاحِدٌ وَهَذَا مَعْلُومُ الْفَسَادِ بِالضَّرُورَةِ. وَكَذَلِكَ الْكَلِمَاتُ هِيَ عِنْدَهُمْ شَيْءٌ وَاحِدٌ فَحَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ: إنَّهُ لَا رَبَّ وَلَا قُرْآنَ وَلَا إيمَانَ فَقَوْلُهُمْ يَسْتَلْزِمُ التَّعْطِيلَ.

وَ " السالمية " حُلُولِيَّةٌ فِي الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْحُرُوفَ وَالْأَصْوَاتَ الْقَدِيمَةَ حَلَّتْ فِي النَّاسِ: حُلُولِيَّةٌ فِي الصِّفَاتِ دُونَ الذَّاتِ