فَالْمُؤْمِنُ يَعْلَمُ أَحْكَامَ هَذِهِ الصِّفَاتِ وَآثَارَهَا وَهُوَ الَّذِي أُرِيدَ مِنْهُ فَيُعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا وَأَنَّ الْأَرْضَ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ وَأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَنْظُرُونَ إلَى وَجْهِ خَالِقِهِمْ فِي الْجَنَّةِ وَيَتَلَذَّذُونَ بِذَلِكَ لَذَّةً يَنْغَمِرُ فِي جَانِبِهَا جَمِيعُ اللَّذَّاتِ وَنَحْوَ ذَلِكَ. كَمَا يُعْلَمُ أَنَّ لَهُ رَبًّا وَخَالِقًا وَمَعْبُودًا وَلَا يَعْلَمُ كُنْهَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ بَلْ غَايَةُ عِلْمِ الْخَلْقِ هَكَذَا: يَعْلَمُونَ الشَّيْءَ مِنْ بَعْضِ الْجِهَاتِ وَلَا يُحِيطُونَ بِكُنْهِهِ وَعِلْمُهُمْ بِنُفُوسِهِمْ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ. قُلْت لَهُ: أَفَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ " الظَّاهِرَ غَيْرُ مُرَادٍ " بِهَذَا التَّفْسِيرِ؟ فَقَالَ: هَذَا لَا يُمْكِنُ. فَقُلْت لَهُ: مَنْ قَالَ: إنَّ الظَّاهِرَ غَيْرُ مُرَادٍ بِمَعْنَى أَنَّ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ غَيْرُ مُرَادَةٍ قُلْنَا لَهُ: أَصَبْت فِي " الْمَعْنَى " لَكِنْ أَخْطَأْت فِي " اللَّفْظِ " وَأَوْهَمْت الْبِدْعَةَ وَجَعَلْت للجهمية طَرِيقًا إلَى غَرَضِهِمْ وَكَانَ يُمْكِنُك أَنْ تَقُولَ: تُمَرُّ كَمَا جَاءَتْ عَلَى ظَاهِرِهَا مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَتْ كَصِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ وَأَنَّهُ مُنَزَّهٌ مُقَدَّسٌ عَنْ كُلِّ مَا يَلْزَمُ مِنْهُ حُدُوثُهُ أَوْ نَقْصُهُ. وَمَنْ قَالَ: " الظَّاهِرُ غَيْرُ مُرَادٍ " بِالتَّفْسِيرِ الثَّانِي - وَهُوَ مُرَادُ الْجَهْمِيَّة وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَبَعْضِ الْأَشْعَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ - فَقَدْ أَخْطَأَ. ثُمَّ أَقْرَبُ هَؤُلَاءِ " الْجَهْمِيَّة " الْأَشْعَرِيَّةُ يَقُولُونَ: إنَّ لَهُ صِفَاتٍ سَبْعًا: الْحَيَاةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute