للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَطْلُبَانِ أَمْرًا فَيَكُونُ أَحَدُهُمَا شَفِيعًا لِلْآخَرِ بِخِلَافِ الطَّالِبِ الْوَاحِدِ الَّذِي لَمْ يَشْفَعْ غَيْرُهُ. فَهَذِهِ الزِّيَادَةُ فِيهَا عِدَّةُ عِلَلٍ: انْفِرَادُ هَذَا بِهَا عَنْ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ وَأَحْفَظُ مِنْهُ وَإِعْرَاضُ أَهْلِ السُّنَنِ عَنْهَا وَاضْطِرَابُ لَفْظِهَا وَأَنَّ رَاوِيَهَا عُرِفَ لَهُ - عَنْ رَوْحٍ هَذَا - أَحَادِيثُ مُنْكَرَةٌ. وَمِثْلُ هَذَا يَقْتَضِي حُصُولَ الرَّيْبِ وَالشَّكِّ فِي كَوْنِهَا ثَابِتَةً فَلَا حُجَّةَ فِيهَا إذْ الِاعْتِبَارُ بِمَا رَوَاهُ الصَّحَابِيُّ لَا بِمَا فَهِمَهُ إذَا كَانَ اللَّفْظُ الَّذِي رَوَاهُ لَا يَدُلُّ عَلَى مَا فَهِمَهُ بَلْ عَلَى خِلَافِهِ.

وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْوَاحِدَ بَعْدَ مَوْتِهِ إذَا قَالَ: اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِيَّ وَشَفِّعْنِي فِيهِ - مَعَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَدْعُ لَهُ - كَانَ هَذَا كَلَامًا بَاطِلًا؛ مَعَ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ حَنِيفٍ لَمْ يَأْمُرْهُ أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا وَلَا أَنْ يَقُولَ فَشَفِّعْهُ فِيَّ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ عَلَى وَجْهِهِ وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِبَعْضِهِ وَلَيْسَ هُنَاكَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَفَاعَةٌ وَلَا مَا يُظَنُّ أَنَّهُ شَفَاعَةٌ؛ فَلَوْ قَالَ بَعْدَ مَوْتِهِ " فَشَفِّعْهُ فِيَّ " لَكَانَ كَلَامًا لَا مَعْنَى لَهُ وَلِهَذَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ عُثْمَانُ. وَالدُّعَاءُ الْمَأْثُورُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ وَاَلَّذِي أَمَرَ بِهِ لَيْسَ مَأْثُورًا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَمِثْلُ هَذَا لَا تَثْبُتُ بِهِ شَرِيعَةٌ كَسَائِرِ مَا يُنْقَلُ عَنْ آحَادِ الصَّحَابَةِ فِي جِنْسِ الْعِبَادَاتِ أَوْ الْإِبَاحَاتِ أَوْ الْإِيجَابَاتِ أَوْ التَّحْرِيمَاتِ إذَا لَمْ يُوَافِقْهُ غَيْرُهُ مِنْ