للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي ثُبُوتِ ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تَكُنْ لَهُ حُجَّةٌ وَلَكِنْ جَاءَ ذَلِكَ فِي أَحَادِيثَ صِحَاحٍ مِثْلُ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: {اللَّهُمَّ لَك الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ} الْحَدِيثَ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ {أَبِي ذَرٍّ قَالَ: سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ رَأَيْت رَبَّك فَقَالَ: نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ؟ أَوْ قَالَ: رَأَيْت نُورًا} . فَاَلَّذِي فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ إضَافَةُ النُّورِ كَقَوْلِهِ: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} أَوْ {نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} وَمَنْ فِيهِنَّ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: " إذْ النُّورُ كَيْفِيَّةٌ قَائِمَةٌ " فَنَقُولُ: النُّورُ الْمَخْلُوقُ مَحْسُوسٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ كَيْفِيَّةٍ لَكِنَّهُ نَوْعَانِ: أَعْيَان وَأَعْرَاضٌ. " فَالْأَعْيَانُ " هُوَ نَفْسُ جِرْمِ النَّارِ حَيْثُ كَانَتْ - نُورُ السِّرَاجِ وَالْمِصْبَاحِ الَّذِي فِي الزُّجَاجَةِ وَغَيْرِهِ - وَهِيَ النُّورُ الَّذِي ضَرَبَ اللَّهُ بِهِ الْمَثَلَ، وَمِثْلُ الْقَمَرِ فَإِنَّ اللَّهَ سَمَّاهُ نُورًا فَقَالَ: {جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا} وَلَا رَيْبَ أَنَّ النَّارَ جِسْمٌ لَطِيفٌ شَفَّافٌ. " وَأَعْرَاضُ " مِثْلِ مَا يَقَعُ مِنْ شُعَاعِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنَّارِ عَلَى الْأَجْسَامِ الصَّقِيلَةِ وَغَيْرِهَا فَإِنَّ الْمِصْبَاحَ إذَا كَانَ فِي الْبَيْتِ أَضَاءَ جَوَانِبَ الْبَيْتِ فَذَلِكَ النُّورُ وَالشُّعَاعُ الْوَاقِعُ عَلَى الْجُدُرِ وَالسَّقْفِ وَالْأَرْضِ هُوَ عَرَضٌ وَهُوَ كَيْفِيَّةٌ قَائِمَةٌ بِالْجِسْمِ. وَقَدْ يُقَالُ: لَيْسَ الصِّفَةُ الْقَائِمَةُ بِالنَّارِ وَالْقَمَرِ وَنَحْوِهِمَا نُورًا فَيَكُونَ الِاسْمُ عَلَى الْجَوْهَرِ تَارَةً وَعَلَى صِفَةٍ أُخْرَى؛ وَلِهَذَا يُقَالُ لِضَوْءِ النَّهَارِ نُورٌ كَمَا قَالَ