للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهِ فَقَدَ ضَادَّ اللَّهَ فِي أَمْرِهِ} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَتَسْمِيَةُ الْمُخَالِفِ لِأَمْرِهِ وَحُكْمِهِ ضِدًّا كَتَسْمِيَتِهِ عَدُوًّا. وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ فَالْمُعَادُونَ الْمُضَادُّونَ لِلَّهِ كَثِيرُونَ؛ فَأَمَّا عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مُضَادٌّ لِلَّهِ؛ لَكِنَّ التَّضَادَّ يَقَعُ فِي نَفْسِ الْكُفَّارِ فَإِنَّ الْبَاطِلَ ضِدُّ الْحَقِّ وَالْكَذِبَ ضِدُّ الصِّدْقِ؛ فَمَنْ اعْتَقَدَ فِي اللَّهِ مَا هُوَ مُنَزَّهٌ عَنْهُ كَانَ هَذَا ضِدًّا لِلْإِيمَانِ الصَّحِيحِ بِهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: النُّورُ ضِدُّ الظُّلْمَةِ - وَجَلَّ الْحَقُّ أَنْ يَكُونَ لَهُ ضِدٌّ - فَيُقَالُ لَهُ: وَالْحَيُّ ضِدُّ الْمَيِّتِ وَالْعَلِيمُ ضِدُّ الْجَاهِلِ وَالسَّمِيعُ وَالْبَصِيرُ وَاَلَّذِي يَتَكَلَّمُ ضِدُّ الْأَصَمِّ الْأَعْمَى الْأَبْكَمِ وَهَكَذَا سَائِر مَا سُمِّيَ اللَّهُ بِهِ مِنْ الْأَسْمَاءِ لَهَا أَضْدَادٌ وَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنْ أَنْ يُسَمَّى بِأَضْدَادِهَا فَجَلَّ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ مَيِّتًا أَوْ عَاجِزًا أَوْ فَقِيرًا وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَأَمَّا وُجُودُ مَخْلُوقٍ لَهُ مَوْصُوفٍ بِضِدِّ صِفَتِهِ: مِثْلُ وُجُودِ الْمَيِّتِ وَالْجَاهِلِ وَالْفَقِيرِ وَالظَّالِمِ فَهَذَا كَثِيرٌ؛ بَلْ غَالِبُ أَسْمَائِهِ لَهَا أَضْدَادٌ مَوْجُودَةٌ فِي الْمَوْجُودِينَ. وَلَا يُقَالُ لِأُولَئِكَ إنَّهُمْ أَضْدَادُ اللَّهِ وَلَكِنْ يُقَالُ إنَّهُمْ مَوْصُوفُونَ بِضِدِّ صِفَاتِ اللَّهِ؛ فَإِنَّ التَّضَادَّ بَيْنَ الصِّفَاتِ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمَحَلِّ الْوَاحِدِ لَا فِي مَحَلَّيْنِ فَمَنْ كَانَ مَوْصُوفًا بِالْمَوْتِ ضَادَّتْهُ الْحَيَاةُ وَمَنْ كَانَ مَوْصُوفًا بِالْحَيَاةِ ضَادَّهُ الْمَوْتُ