للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا مُمْكِنٌ إمْكَانًا قَرِيبًا؛ فَإِنَّ اللَّهَ يُثِيبُ عَبْدَهُ عَلَى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} مَعَ قِلَّةِ حُرُوفِهَا بِقَدْرِ مَا يُثِيبُهُ عَلَى ثُلُثِ الْقُرْآنِ. وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ. فَيُمْكِنُ فِي حَقِّ مَنْ حُرِمَ الْأَفْضَلَ فِي نَوْعِهِ أَنْ يُعْطَى النَّوْعَ الْمَفْضُولَ وَإِنْ كَثُرَ عَدَدُهُ سَوَاءٌ كَانَ فَاضِلُ النَّوْعِ أَفْضَلَ مُطْلَقًا أَوْ كَانَا مُتَكَافِئَيْنِ عِنْدَ التَّقَابُلِ؛ وَفِي أَحَادِيثِ الْمَزِيدِ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا؛ فَإِنَّهُمْ يَرْجِعُونَ إلَى أَهْلِيهِمْ وَقَدْ ازْدَادُوا حُسْنًا وَجَمَالًا فَيَقُولُونَ: إنَّا جَالَسْنَا الْيَوْمَ رَبَّنَا الْجَبَّارَ فَيَحِقُّ لَنَا أَنْ نَنْقَلِبَ بِمِثْلِ مَا انْقَلَبْنَا بِهِ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: {فَلَيْسُوا إلَى شَيْءٍ أَحْوَجَ مِنْهُمْ إلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِيَزْدَادُوا نَظَرًا إلَى رَبِّهِمْ وَيَزْدَادُوا كَرَامَةً} . وَمَنْ تَأَمَّلَ سِيَاقَ " الْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ " عَلِمَ أَنَّ التَّجَلِّيَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ لَهُ عِنْدَهُمْ وَقْعٌ عَظِيمٌ لَا يُوجَدُ مِثْلُهُ فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ؛ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا النَّوْعَ أَفْضَلُ مِنْ الرُّؤْيَةِ الْحَاصِلَةِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ أَكْثَرَ فَإِذَا مُنِعَ النِّسَاءُ مِنْ هَذَا الْفَضْلِ لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يُمْنَعْنَ مِمَّا دُونَهُ وَهَذَا بَيِّنٌ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ. (الْوَجْهُ الثَّالِثُ: هَبْ أَنَّ رُؤْيَةَ اللَّهِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ أَفْضَلُ مُطْلَقًا مِنْ رُؤْيَةِ الْجُمْعَةِ فَلَا يَلْزَمُ حِرْمَانُهُنَّ مِنْ الثَّوَابِ الْمَفْضُولِ حِرْمَانَ مَا فَوْقَهُ مُطْلَقًا؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ قَدْ يَعْمَلُ عَمَلًا فَاضِلًا يَسْتَحِقُّ بِهِ أَجْرًا عَظِيمًا وَلَا يَعْمَلُ مَا هُوَ دُونَهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ الْأَجْرَ وَمَا زَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ يَخُصُّ المفضولين مِنْ كُلِّ صِنْفٍ بِخَصَائِصَ لَا تَكُونُ لِلْفَاضِلِينَ وَهَذَا مُسْتَقِرٌّ فِي الْأَشْخَاصِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ وَفِي الْأَعْمَالِ.