للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدُّنُوِّ مِنْهُ عَلَى مِقْدَارِ مُسَارَعَتِهِمْ إلَى الْجُمُعَةِ وَتَفَاوُتِ الثَّوَابِ بِتَفَاوُتِ الْعَمَلِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مُسَبَّبٌ عَنْهُ وَبِدَلِيلِ أَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ " إنَّهُ يَكُونُ بِمِقْدَارِ انْصِرَافِهِمْ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِي الدُّنْيَا ". وَمُوَافَقَةُ الثَّوَابِ لِلْعَمَلِ فِي وَقْتِهِ وَفِي قَدْرِهِ حَتَّى يَصِيرَ جَزَاءً وِفَاقًا: يَقْتَضِي أَنَّ الْعَمَلَ سَبَبُهُ؛ وَبِدَلِيلِ أَنَّ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي فَضْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَعُلِمَ أَنَّ ارْتِبَاطَ ثَوَابِهِ فِي الْآخِرَةِ بِعَمَلِهِ فِي الدُّنْيَا؛ وَبِدَلِيلِ أَنَّ فِيهِ عِنْدَ مُنْصَرَفِ النَّاسِ مِنْ الْجُمُعَةِ رُجُوعَ الصَّالِحِينَ إلَى مَنَازِلِهِمْ وَرُجُوعَ الْأَنْبِيَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ إلَى رَبِّهِمْ. وَهَذَا مُنَاسِبٌ لِحَالِهِمْ فِي الدُّنْيَا؛ فَإِنَّ الصَّالِحَ إذَا انْقَضَتْ الْجُمُعَةُ اشْتَغَلَ بِمَا أُبِيحُ لَهُ فِي الدُّنْيَا وَأُولَئِكَ اشْتَغَلُوا بِالتَّقَرُّبِ إلَيْهِ بِالنَّوَافِلِ فَكَانُوا مُتَقَرِّبِينَ إلَيْهِ فِي الدُّنْيَا بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَقَرُبُوا مِنْهُ بَعْدَ الْجُمْعَةِ فِي الْآخِرَةِ وَهَذِهِ " الْمُنَاسَبَةُ الظَّاهِرَةُ " الْمَشْهُودُ لَهَا بِالِاعْتِبَارِ تَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ التَّجَلِّيَ ثَوَابُ أَعْمَالِهِمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَانْتِفَاءُ الرُّؤْيَةِ فِي حَقِّ النِّسَاءِ لِعَدَمِ شُهُودِهِنَّ الْجُمُعَةَ؛ وَلِهَذَا رُوِيَ أَنَّهُنَّ يَرَيْنَهُ فِي الْعِيدِ كَمَا شُرِعَ لَهُنَّ شُهُودُ الْعِيدِ. فَإِنْ قِيلَ: مَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ أَمْرٌ غَرِيبٌ وَالْأَحَادِيثُ الْمَشْهُورَةُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهَا لَيْسَ فِيهَا هَذِهِ الزِّيَادَةُ فَلَا يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهَا وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ قَدْ سَمِعُوا أَحَادِيثَ الرُّؤْيَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَمْ يَسْمَعُوا هَذِهِ الزِّيَادَةَ.