وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ وَكُلُّنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ. فَرَدَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَهَا بِمَا تَضَمَّنَهُ الْحَدِيثُ {مِنْ رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِ مَا لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ النَّعِيمِ فَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ} الْحَدِيثَ. وَقَدْ يَعْتَرِضُ عَلَى هَذَا سُؤَالٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ حُبُّهُ اللِّقَاءَ لِمَا رَآهُ مِنْ النَّعِيمِ فَالْمَحَبَّةُ حِينَئِذٍ لِلنَّعِيمِ الْعَائِدِ إلَيْهِ لَا لِمُجَرَّدِ لِقَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَكَيْفَ يُجَازَى عَلَيْهِ بِحُبِّ اللَّهِ تَعَالَى لِقَاءَهُ وَمَحَبَّتُهُ غَيْرُ خَالِصَةٍ وَإِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْأَعْمَالِ مَا كَانَ خَالِصًا. بَيِّنُوا لَنَا هَذِهِ الْأُمُورَ الْبَيَانَ الشَّافِيَ بِالْجَوَابِ الصَّحِيحِ الْكَافِي طَلَبًا لِلْأَجْرِ الْوَافِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى؟ .
فَأَجَابَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ -:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، " أَمَّا اللِّقَاءُ " فَقَدْ فَسَّرَهُ طَائِفَة مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ بِمَا يَتَضَمَّنُ الْمُعَايَنَةَ وَالْمُشَاهَدَةَ بَعْدَ السُّلُوكِ وَالْمَسِيرِ؛ وَقَالُوا: إنَّ لِقَاءَ اللَّهِ يَتَضَمَّنُ رُؤْيَتَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَاحْتَجُّوا بِآيَاتِ " اللِّقَاءِ " عَلَى مَنْ أَنْكَرَ رُؤْيَةَ اللَّهِ فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْجَهْمِيَّة كَالْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ قَالَ. فِي قَوْلِهِ: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} وَلَا يُرَائِي أَوْ قَالَ: وَلَا يُخْبِرُ بِهِ أَحَدًا وَجَعَلُوا اللِّقَاءَ يَتَضَمَّنُ مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا: السَّيْرُ إلَى الْمَلِكِ وَالثَّانِي مُعَايَنَتُهُ. كَمَا قَالَ: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute