للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ} فَإِنَّ ضَمِيرَ الْمَفْعُولِ فِي رَأَوْهُ عَائِدٌ إلَى الْوَعْدِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَوْعُودُ أَيْ فَلَمَّا رَأَوْا مَا وُعِدُوا سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا. وَمَنْ قَالَ إنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ هُنَا إلَى اللَّهِ فَقَوْلُهُ ضَعِيفٌ وَفَسَادُ قَوْلِ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ الْمُرَادَ " لِقَاءَ الْجَزَاءِ " دُونَ لِقَاءِ اللَّهِ مَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ بَعْدَ تَدَبُّرِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يَظْهَرُ فَسَادُهُ مِنْ وُجُوهٍ: - (أَحَدُهَا: أَنَّهُ خِلَافُ التَّفَاسِيرِ الْمَأْثُورَةِ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. (الثَّانِي: أَنَّ حَذْفَ الْمُضَافِ إلَيْهِ يُقَارِنُهُ قَرَائِنُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعَ الْكَلَامِ قَرِينَةٌ تُبَيِّنُ ذَلِكَ كَمَا قِيلَ فِي قَوْلِهِ: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا} وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: رَأَيْت زَيْدًا أَوْ لَقِيته مُطْلَقًا وَأَرَادَ بِذَلِكَ لِقَاءَ أَبِيهِ أَوْ غُلَامِهِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ بِلَا نِزَاعٍ وَلِقَاءُ اللَّهِ قَدْ ذُكِرَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مُطْلَقًا غَيْرَ مُقْتَرِنٍ بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِلِقَاءِ اللَّهِ لِقَاءُ بَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ مِنْ جَزَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ. (الثَّالِثُ: أَنَّ اللَّفْظَ إذَا تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ فِي الْكِتَابِ وَدَارَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ وَكَانَ الْمُرَادُ بِهِ غَيْرَ مَفْهُومِهِ وَمُقْتَضَاهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ كَانَ تَدْلِيسًا وَتَلْبِيسًا يَجِبُ أَنْ يُصَانَ كَلَامُ اللَّهِ عَنْهُ الَّذِي أَخْبَرَ أَنَّهُ شِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَأَنَّهُ بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَأَخْبَرَ أَنَّ الرَّسُولَ قَدْ بَلَّغَهُ الْبَلَاغَ الْمُبِينَ وَأَنَّهُ بَيَّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ وَأَخْبَرَ أَنَّ عَلَيْهِ بَيَانَهُ وَلَا